
يضع مخبز خبزه غير المباع عند الباب عند وقت الإغلاق. الخبز طازج للغاية، ويخبز دومًا كل يوم. الخبازون أناس لطفاء للغاية، ويحبون الخَبز أكثر من المال رغم أنهم يحتاجون منه ما يكفي بطبيعة الحال للخَبز. ولا يحبون رمي الخُبز الذي يخبزونه في القمامة، ويرون أيضًا أن من المهم مد يد العون للناس ويفضلون فعل ذلك لمن يعيشون حولهم، وهذا ما بدأ فكرتهم البسيطة بوضع خبزهم غير المباع خارج الباب ليلًا لأي شخص يحتاجه، مع لوحة تفيد بأنه لأي شخصٍ يحتاجه. فيأخذه الناس، وفيهم المشردون أو من يعيش في ملاجئ أو نزل ومن بينهم طلّاب. والخبازون سعداء بالمساعدة. لكن الخبر ينتشر. فيأتي ناس أكثر فأكثر من أجل الخبز المجاني. وبعضهم بات يأتي كل يوم سواء احتاجوه أم لا. ما عاد الناس الذين يشترون الخبز يأتون لشراءه. وعذرهم أنه ليس من التدبير أن تدفع لما يمكنك أخذه مجانًا. كما أن هناك ما سيبقى موجودًا على الدوام. فلا يحتاج شخص ليراهن على الانتظار حتى نهاية اليوم حين يكون الخبز مجانيًا. فالخبز موجود دومًا. وسرعان ما صار هناك خبز كثير جدًا لأنه ما عاد هناك من يشتريه. فمن لديهم مجمدة طعام باتوا يأخذون أكثر مما يحتاجونه، وهؤلاء ليسوا مشردين طبعًا. زاد الخبز أكثر فأكثر بزيادة قدوم زبائن الماضي حين وقت الإغلاق، عندما يضع الخبازون مخبوزاتهم من الجودار والحبوب السبعة والدقيق الأبيض والبر والجبنة والزيتون إضافة إلى الخبز الإتروسكاني والخبز غير المملح وخبز السميد وأرغفتهم الدائرية والبيضاوية وخبز الشطائر ولفائف عجين مخمر وخبز مسطح وخبز باغيت وخبز مضفر عليه طبقة من البيض. صار الجميع خبراء خُبز خاصة أن الخبز مجاني، وبات بإمكانهم الاختيار بعد أن كانوا محتارين فقط بين الدقيق الأبيض والبر. وإذا لم يعجبهم ذلك أو لم يأكلوه بالكامل، فلا بأس، إذ لم يكلفهم أي شيء. بل يقدمون اقتراحات لخبراء الخبز الآخرين: جربوا السمسم مع الدخن المتشقق أو الشعير التبتي أو بومبرنيكل الزبيب أو دقيق الذرة والليمون والجوز الأسود. ما عادوا ذواقة قمح فقط بل أساطين الخبز، حتى حلت ليلة لم يعد فيها خبز. تجمع حشد كبير ينتظرون فتح الباب حتى يضع أصحاب المحل بضاعتهم غير المباعة لأن الناس الآن صاروا يحبون الوصول إلى هناك مبكرًا، بل أن البعض بات ينتظر في الخارج بوقاحة قبل خروج الكمية اليومية من الخبز غير المباع. لقد مضى وقت طويل على الإغلاق، والناس قد اجتمعوا بكثرة. وسرعان ما شعر من في آخر الحشد بالذعر، إذ خشوا ألا يكون لديهم ما يكفي من الخبز، ويريدون معرفة ما يحدث لأن حجم الحشد لا يتيح لهم رؤية اللافتة على الباب. في نفس الوقت، ينظر من في المقدمة ذاهلين ودونما اقتناع أو شعور بالخوف بعد من اهتياج الناس في آخر الحشد عبر النافذة إلى ما وراء لوحة «للتقبيل» في المتجر المظلم والمهجور. وعلى ظن منهم أن من في المقدمة يستأثرون بالخبز كله، بدأ من في آخر الحشد بالصراخ ثم بالتدافع.