لقاء مع جريدة العرب

صباح / مساء الخير جميعًا،

Newspaper

في عدد اليوم من جريدة «العرب»، شاركت باستطلاع حول ما يتطلع إليه المترجمون السعوديون في حقل الثقافة بعد تدشين قطاع الأدب والترجمة والنشر برئاسة الدكتور محمد حسن علوان، وكانت مشاركتي برفقة الزملاء أحمد العلي، رائد الجشي، صالح الخنيزي، تركية العمري، خلف القرشي، أمينة الحسن.

أشكر الأستاذ زكي الصدير على منحه فرصة المداخلة. ولمن أراد قراءة المداخلات كاملة، فالرابط من هنا، وسأكتفي بنشر ما كتبته:

يذهب المترجم راضي النماصي إلى أن سبل الدعم متوفرة باسم الوزارة على عدة أصعدة من خلال تمويل مشاريع تبدأ من ترجمة الكتب وليس انتهاء بالمدونات والمواقع الإبداعية الجماعية على الانترنت.

ويقول “مؤخرا، قام الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) بإسداء منحة دعم مالي لموقع ‘كتب مملة‘، أحد أشهر منصات الكتابة الإبداعية على شبكة الأنترنت، والقائمة على مساهمات شبابية محضة. لدينا مثل هذه المواقع كثيرا في السعودية، مثل ‘ساقية‘ لأحمد بادغيش وفهد الحازمي، و‘سبيل‘ التي توقفت -للأسف- بعدد واحد لانشغال محررها، وكانت واعدة للغاية. كما أن فكرة المجلات المختصة بالآداب والفنون قائمة مثل ‘ذا نيويوركر‘، ‘باريس ريفيو‘، ‘لندن ريفيو أوف بوكس‘، وغيرها؛ حتى أنه يمكن استثمار رأس مال خاص بها والربح منها عبر الاشتراكات. ناهيكم عن فكرة مشروع وطني للترجمة بالتعاون ماليّا مع الأندية الأدبية، مما يخفف الكلفة المادية على جميع الجهات المعنية. ولا شك أن للدكتور محمد حسن علوان اطلاعًا كافيًا حول ما ساهمت به مشاريع الترجمة لدى الهيئات الحكومية ودور النشر الخاصة من فائدة في التثاقف بين الشعوب والأمم، ونرجو له التوفيق في مهمته القادمة“.

شغف القراءة – د. بديعة الهاشمي

صباح / مساء الخير،

كتبت الدكتورة بديعة الهاشمي قراءة مستفيضة في كتاب «داخل المكتبة.. خارج العالم!» الذي قمتُ بجمع نصوصه وترجمتها، وذلك في العدد الحالي من مجلة «الفجيرة» الثقافية. ويمكنكم الاطلاع على قراءتها من خلال الصور التي أرفقتها بتغريدتها من هنا عبر حسابها الشخصي في موقع تويتر.

أشكر جميع من اهتم بالكتاب يومًا، ولكم خالص التحية والتقدير.

 

داخل المكتبة خارج العالم.. قرّاء مثاليون

  • إعداد: محمد إسماعيل – موقع الإمارات اليوم.

عنوان شاعري، وقرّاء مختلفون، ونصوص وشهادات تؤكد أن القراءة ليست نشاطاً للمترفين، أو زينة يمكن التخلي عنها.. يحفل بها كتاب «داخل المكتبة خارج العالم»، للمترجم السعودي راضي النماصي، الذي ينطلق من محبة خاصة وتجربة ذاتية مع الورق، إذ إنه كقارئ جيد كان يجد صعوبة وعقدة لسان، حينما يريد التعبير عن كتاب يبجّله، بأبعد من كلمات الإعجاب؛ لذا بحث عن «قراء يملؤون هذا العالم حكمة ويقيناً بنظرتهم المختلفة، ووعيهم المتزايد تجاه النصوص النصوص الماثلة أمامهم». في حضرة الكتاب، تأتي النصوص التي تنتمي إلى تسعة مبدعين من وجهات مختلفة حول العالم، يسردون حكايا الشغف بالورق، ونعيم المكتبات الذي وجدوا أنفسهم في رحابه. وترفض معظم الشهادات الوصاية على القارئ، ويطالبه أصحابها بالتعويل على حدسه، وقطع الطريق بقليل من النصائح وكثير من المتعة، حتى ولو صادفه أحياناً بعض الهراء.


يبدأ الكتاب، الصادر عن دار «أثر» السعودية، الرحلة مع مبدعة تيار الوعي فرجينيا وولف (1882 – 1942)، التي تسعى للإجابة عن سؤال: «كيف نقرأ كتاباً كما يجب؟»، وترى أن مفتاح ذلك يأتي عبر المقارنة، فهنا السرّ من وجهة نظرها، لأن القراءة الأولى «ليست سوى نصف عملية القراءة.. انتظر دع غبار القراءة يهدأ».

وتهاجم وولف أصحاب الكتب السيئة، مشبهة إياهم بالمجرمين: «ألا يجب أن نعتبر بعض المؤلفين كالمجرمين؟ ألا يحق لنا أن نعتبر أولئك الذين يكتبون كتباً سيئة، كتباً تضيع وقتنا وتعاطفنا، كتباً مسروقة، كتباً خاطئة، كتباً تملأ هواءنا بالعفن والأمراض، ألا يحق لنا أن نعتبرهم أخبث أعداء المجتمع؟». وتختتم شهادة وولف بحلم شاعري، أشبه بقصيدة، عن متعة القراءة و«عاقبتها».

روح اللعبة

الكاتب الأميركي هنري ميللر (1891 – 1980)، صاحب المسيرة الطويلة في عالم الكتب؛ يشير إلى أنه «لا أحد في هذا العالم يستطيع الحكم على كتاب ما بكلمة جيد أو سيئ.. وأعظم فائدة يجنيها المرء من القراءة هي رغبته في التواصل مع غيره، فأن تقرأ كتاباً يعني أن تستيقظ من سباتك الروحي وتحيا، وتحتوي اهتماماً أكبر بمن يجاورك».

وفي حين يقسم الروائي الألماني هيرمان هيسه (1877 – 1962) القراء إلى أصناف، يشدد صاحب رواية «لوليتا» فلاديمير نابوكوف (1899 – 1977) على أن القارئ العظيم هو الذي يعيد ما يقرأ: «نحن نحتاج وقتاً عندما نقرأ أي كتاب لنتآلف معه.. عندما نقرأ للمرة الثانية، الثالثة، الرابعة، فإننا بشكل ما نتعامل مع الكتاب كما لو كان لوحة.. ما الذي يفعله القارئ النكد عندما يواجه كتاباً جميلاً؟ أولاً سيذهب المزاج المتجهم بعيداً، وبشكل أفضل أو أسوأ سيدخل القارئ في روح اللعبة». ويضيف نابوكوف «هناك ثلاث وجهات للنظر نستطيع أن نرى بها الكاتب: قد نراه حكاء، وقد نراه كمعلم، أو قد نراه كساحر. الكاتب العظيم يحتوي هؤلاء الثلاثة، لكن الساحر بداخله هو من يتحكم به، ويجعله كاتباً عظيماً».

 

وصية

في ختام كتاب «داخل المكتبة خارج العالم»، للمترجم راضي النماصي، وتقديم الدكتور سعد البازعي، والذي يقع في 160 صفحة، نصّ مختصر لمبدع أبصر العالم مكتبة، وتخيّل الفردوس كذلك، وهو لويس بورخيس الذي ينصح: «لا تقرأوا أي كتاب لأنه مشهور أو حديث أو قديم، إذا كان الكتاب الذي تقرأونه مملاً فاتركوه، حتى ولو كان الفردوس المفقود أو دون كيخوته.. إذا شعرتم بالملل من أي كتاب فاتركوه.. فهذا الكتاب لم يؤلف من أجلكم. يجب أن تكون القراءة أحد أشكال السعادة الخالصة، ولذا فإني ألقي بوصيتي الأخيرة إلى جميع قرائي الحاليين والمستقبليين، بأن يقرأوا كثيراً، ولا يغتروا بسمعة كاتب ما.. اقرأوا من أجل متعتكم، ولأجل أن تسعدوا فهذه هي الطريقة الوحيدة».

 

 

 

 

 

 

وماذا عنك؟

أما الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا؛ فبسخرية يبدأ الإجابة عن سؤال: لماذا نقرأ الأدب؟ قائلاً: «دائماً ما يأتيني شخص حينما أكون في معرض كتاب أو مكتبة، ويسألني توقيعاً، إما لزوجته أو ابنته أو أمه أو غيرهن، ويتعذر بالقول بأنها قارئة رائعة ومحبة للأدب. وعلى الفور أسأله: وماذا عنك؟ ألا تحب القراءة؟ وغالباً تكون الإجابة: بالطبع أحب القراءة، لكني مشغول طوال الوقت. سمعت هذا التعبير العديد من المرات.. أنا سعيد من أجل أولئك النسوة، لكني أشعر بالأسف للرجال، وللملايين ممن يستطيعون القراءة لكنهم اختاروا تركها.. مقتنع بأن مجتمعاً بلا أدب أو يرمي بالأدب – كخطيئة خفية – إلى حدود الحياة الشخصية والاجتماعية، هو مجتمع همجي الروح، بل ويخاطر بحريته».

وكما الحال في رواياته؛ لا يتخلى يوسا هنا في نصه بالكتاب عن المشاغبات، والاشتباك مع أحد مؤسسي شركة «مايكروسوفت» بيل غيتس، الذي يحلم بـ«وضع حد للورق، ومن ثم الكتب» لتكون شاشات الكمبيوتر بديلاً. واستهجن يوسا، صاحب «حفلة التيس» و«شيطنات الطفلة الخبيثة» و«حلم السلتي»، حلم غيتس، مؤكداً أنه ليس ثمة متعة أكبر من قراءة الكتب، وأن تحيّزه ليس فقط لطول عِشرته الشخصية مع الكتب والورق، ولكن لصعوبة الذهاب إلى الشاشة لقراءة شعر أو رواية أو حتى مقال. ويذهب يوسا إلى أبعد من ذلك، محذراً من كابوس المجتمع الممتلئ بالشاشات والسماعات: «مجتمع يعتبر الكتب فضولاً قديماً مجتمع من شأنه أن يكون غير متحضر بعمق وسيكون خالي الروح. ستكون إنسانية آلية تركت حريتها بمجرد أن تخلت عن الأدب». ويضيف: «ليس من المرجح أن هذه اليوتوبيا المروعة سوف تأتي.. نهاية قصتنا ونهاية التاريخ لم تكتب بعد.. ولكن إن أردنا أن نتجنب فقر خيالنا، ونتجنب اختفاء ذلك الاستياء الثمين الذي يهذب حساسيتنا ويعلمنا التحدث ببلاغة ودقة، وأن نقاوم أي مساهمة لإضعاف حريتنا، فيجب أن نتصرف. وبعبارة أدق، يجب أن نقرأ»، معتبراً أن «الأدب قوت الحياة المتمردة، هو إعلان عدم الانقياد».

ويواصل كتاب «داخل المكتبة» الرحلة مع الشاعر الروسي – الأميركي جوزيف برودسكي (1940 – 1996)، صاحب «نوبل» عام 1987، الذي يرى أن الكتب «بشكل عام أكثر خلوداً منا، حتى أسوأ الكتب تخلد مؤلفيها». ورغم القناعة بأن الذوق الفطري ينحاز إلى الكتب الجيدة، إلا أن على «الكاتب أن يقرأ الكثير من الهراء. وإلا فلن يستطيع تطوير الخاصية المهمة للقراءة». وينحاز برودسكي لفنه، معتبراً أنه السبيل لاختصار الطريق بالشكل الأرقى للخطاب البشري «وكلما أكثر أي شخص من قراءة القصائد، أصبح أقل تسامحاً مع أي نوع من الإسهاب.. لا يعد النثر بجانب الشعر إلا مجرد طالب كسول. أرجوكم، لا تفهموني خطأ، أنا لا أحاول أن أحتقر النثر. كل ما في الأمر هو ببساطة أن الشعر أقدم من النثر، وبالتالي فقد غطى مساحات أكبر من التاريخ.. ومع أنني عقدت مقارنة بين النثر والشعر كمن يعقدها بين سلاح الجو والمشاة، فإن اقتراحي الآن ليست له علاقة بترتيب معين أو أصول أنثروبولوجية لنوع محدد من الأدب. كل مسعاي هو أن أكون عملياً وأوفر على عقولكم وعيونكم أكواماً من الأشياء المطبوعة وغير المفيدة».

جنة على الأرض

المكتبات منابع للمعرفة.. كما يصفها الكاتب البريطاني نيل جايمان «نشعر فيها بالأمان، بل إن الواحدة منها جنة على الأرض، وأمناء تلك الجنة موجودون بيننا». ويؤكد أن الكتب ستقاوم ولن ينافسها سواها، ولن يزيحها من الأيدي شيء حتى ولو روّج البعض لذلك، فالكتب مثل «أسماك القرش حافظت على وجودها، رغم أنها أقدم من الديناصورات».

واجب الكتاب تجاه القراء، وفق جايمان أيضاً، عدم إشعار القراء بالملل «بل جعلهم يقبّلون الصفحات إثر بعضها تشوقاً. أحد أفضل العلاجات لقارئ متردد هي حكاية لا تبعثه على التوقف عن قراءتها».

«داخل المكتبة خارج العالم» ينهي الرحلة مع الكاتب – أو بالأحرى القارئ الأرجنتيني الأشهر – ألبرتو مانغويل، الذي يعتز بهذه الصفة الأخيرة، قائلاً: «هناك شيء ما بداخلي يحرض على التصحيح حينما أسمع أحدهم يناديني بذلك (الكاتب) وأقول بأني قارئ، قارئ استطاع الكتابة». ويكمل: «ننتمي كبشر إلى فصيلة القراء.. قد أقول إن الإنسان حيوان قارئ، لأننا نأتي إلى هذا العالم بقدرة على التكيف معه، وأيضاً نأتي ويرافقنا توق لقراءة القصص من كل شيء حولنا؛ فنحن نقرأها في وجوه الناس، وفي المناظر الطبيعية، وفي النجوم أثناء الليل، ونقرأها بالطبع أيضاً في ثنايا الكلمات».

ويسلط مانغويل الضوء على مسيرته مع القراءة، منذ أن كان في الثالثة أو الرابعة من العمر (من مواليد 1948)، إذ تعلم ذلك في مرحلة مبكرة، وكانت معرفة الحروف وفك الكلمات أشبه بالسحر كما يصفه، ولأن والده كان سفيراً كثير التنقل، لذا اعتبر الابن الكتب موطنه الواقعي: «التجارب مع الكتب تعني لي أن هويتي الشخصية في هذا العالم هي كوني قارئاً.. الكتب تمنحنا تجربة الحياة قبل أن نعيشها».

“داخل المكتبة خارج العالم”.. نزهة كونية في عوالم القراءة

لتسعة أدباء عالميين

“داخل المكتبة خارج العالم”.. نزهة كونية في عوالم القراءة

143960978398

الدمام – علي سعيد

يترجم راضي النماصي شغفه بعوالم القراءة إلى كتاب. المترجم السعودي الشاب يجمع عددًا من خطب ومقالات تسعة أدباء عالميين حول عالم القراءة في كتاب صدر أخيرًا عن دار أثر بالدمام، تحت عنوان (داخل المكتبة خارج العالم). الكتاب حظي بتقديم الناقد المعروف الدكتور سعد البازعي، تشجيعا ومباركة لهذا الجهد المثابر، الذي تضمن خلاصات آراء وتجارب كتّاب الأدب العالميين حول مسألة القراءة.

قد يراود الكثير منا، شعور بأن قراءة الأدب قد تكون غير ضرورية، أمام ضرورات أخرى أكثر إلحاحا في الحياة. غير أن نزهة في واحدة من حدائق هذا الكتاب ستجيب على هذا السؤال الأساسي، كما في مقالة الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا (لماذا نقرأ الأدب). يقول الروائي الحاصل على جائزة نوبل: ” لا شيء يحمي الإنسان من الغباء والكبرياء والتعصب والفصل الديني والسياسي والقومي أفضل من تلك الحقيقة التي تظهر دائما في الأدب العظيم، بأن الرجال والنساء من كل الأمم متساوون بشكل أساسي وأن الظلم بينهم هو ما يزرع التفرقة والخوف والاستغلال، لا يوجد من يعلمنا أفضل من الأدب أننا نرى برغم فروقاتنا العرقية والاجتماعية.. ثراء الجنس البشري، و لايوجد مثل الأدب لكي يمجد هذه الفروقات بوصفها مظهرا من مظاهر الإبداع الإنساني”. للروائي الروسي فلاديمير نابكوف، صاحب رواية لولينا، عبارة جميلة في الكتاب تقول: القاريء النشط، القاريء العظيم والقاريء الخلاّق هو قاريء يعيد مايقرأ. أما البيرتو مانغويل له خطبة مؤثرة في الكتاب، يقول فيها: علينا التزام تجاه القراءة لأطفالنا وبصوت عالٍ. يجب ان نقرأ أشياء تمتعهم. متذكرا قصة لقائه الكاملة مع الأديب الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورخيس عندما كان يعمل في متجر للكتب وهو لايزال في سن الخامسة عشرة. أما هيرمان هيسه الروائي الألماني العبقري فيحضر في الكتاب بقوة من خلال خطبة، هامة صنف فيها أنواع القراء. نتوقف عند نوع أسماه (القاريء الساذج)، يقول هسه، معرفا: ” يأخذ هؤلاء شخصية الكاتب لا مؤلفاته على أنها آخر وأعلى قيمة في الكتابة.. ولا يضع هذا القاريء الساذج أي اعتبار له حين يقرأ”. في الكتاب الكثير من الكلمات التي ألقاها أدباء كبار أمام محافل، وفيه أيضا للقاريء فرصة للتأكد على أهمية أن ينتمي الإنسان لعالم الكتب والقراءة. لكن أيضا فيه، إشارة نبيهة  للمترجم الذي يختم بالقول: كل ما يتطلبه منك هذا الكتاب هو ألا تقرأ مثل باقي الناس وإلا ستفكر مثلهم.

 

كتّاب عالميون يسردون تجاربهم في القراءة

1a154066e76542c898f116a01510cdb8

أحمد زين- جريدة الحياة

«داخل المكتبة خارج العالم» (دار أثر) هو باكورة الكاتب والمترجم السعودي الشاب راضي النماصي. والكتاب الذي قدم له الناقد سعد البازعي عبارة عن نصوص مختارة لعدد من الكّتاب العالميين عن موضوع واحد، هو القراءة وأحوالها. الأسماء التي توقف عندها راضي النماصي، على قدر كبير من الأهمية، كما أنها معروفة جدًا لدى القارئ العربي، عبر ترجمات عدة لبعض كتبها. ومن هؤلاء: فيرجينيا وولف: كيف نقرأ كتابًا كما يجب؟ رديارد كيبلنغ: منافع القراءة، وهنري ميللر: أن أقرأ أو لا أقرأ، وهيرمان هيسه: حول قراءة الكتاب، فلاديمير نابوكوف: القراء الجيدون والكّتاب الجيدون، وماريو بارغاس: لماذا نقرأ الأدب؟ وجوزيف برودسكي: كيف نقرأ كتابًا؟ ونيل جايمان: أهمية المكتبات والقراءة، وألبرتو ما نغويل: فن القراءة وحرفة الكتابة.

يقول البازعي في مقدمته للكتاب: مفرح هو الطموح لدى شبابنا المثقف، ومبهج على نحو خاص حين يكون الطموح إلى النشاط في مجال يملؤه الفراغ، لا لقلة الإسهامات وإنما لضخامة الحاجة. ذاك كان شعوري وأنا أتلقى من المترجم الشاب راضي النماصي هذه الإضمامة من النصوص التي محورها الكتابة. سعدت بالعمل سعادة مضاعفة، لأنه جهد شاب مثقف طموح، وسعدت به لأنه في الترجمة، وسعدت به ثالثة لأن ما ترجمه يعّرف برؤى مجموعة من أهم كتاب العالم في العصر الحديث. إنني إذ أقدم هذا العمل للقارئ لأشعر بأنه سيضيف إليه الكثير مثلما أضاف إلي، متمنيًا للمترجم استمرار النشاط وللقارئ محصوًلا وفير المتعة والفائدة».

أما راضي نفسه فيقول في تقديمه: أزعم أني قارئ جيد على أقل تقدير، ولكني أواجه مشكلة منذ زمن بعيد في الحديث عن الكتب التي تعجبني. أستطيع الكتابة على امتداد صفحات عن روايات جيدة أو معقولة، وأستطيع الإفاضة حينما أتحدث عن الكتب التي لا تعجبني، لكني لا أعلم ما الذي يحدث حينما أود الحديث عن كتاٍب أبجله.. حدث أن انفكت هذه العقدة عندما أردت الحديث عن إيما بوفاري وحكايتها الساحرة، ويا لها من رواية عظيمة. ولكن بمجرد أن قرأت كتاب الروائي البيروفي العظيم ماريو بارغاس يوسا عن هذه الرواية، الذي كان بعنوان «مجون لا نهائي: فلوبير ومدام بوفاري»، شعرت بأني لم أقرأها مطلقًا. كيف له أن يرى كل ذلك الكون الكامن في ذات الكتاب الذي قرأته؟ وكيف استطاع الحفر في هيكل الرواية والخروج بمعاٍن أنفذ مما وجدت؟ ألم نقرأ الكتاب نفسه؟

كل ما يطلبه منك هذا الكتاب هو ألا تقرأ مثل بقية الناس وإلا ستفكر مثلهم. فهذه المجموعة ليست عن الكتب، ولا عن المكتبات، بل عن القراءة فعًلا وممارسة وكيف ينظر إليها تسعة من كبار المؤلفين العالميين الذين أثروا العالم بنتاجهم المميز. لا أطلب منك أن تتبع ما قالوه ­ وإن أردت فهذا خيارك ­ لكن لا تقرأ كما كنت تفعل، أو على الأقل لا تقرأ من أجل ما كنت تقرأ لأجله. اقرأ بشكل مختلف لترى بطريقة مختلفة، ومن هنا ستنطلق وتعبر عن ذاتك بما يختلف عن بقية من حولك. سترى في هذا الكتاب نماذج مختلفة من القراء المميزين ونظرتهم المختلفة للقراءة وما يتصل بها، مما سيخرج بك ­ كما آمل ­ إلى مستوى جديد للقراءة، سواء بإتباعهم أو بشق طريقك الخاص». ظلت فكرة الكتاب تراودني كالهاجس. كنت أعمل عليها ببطء شديد، ولم يكن في البال إنهاؤها خلال فترة قريبة؛ ولكن تشجيع الأصدقاء هو ما حفزني للبحث عن هذه النصوص المميزة، التي تتعلق بموضوع القراءة كونها ممارسة، ومن ثم ترجمتها.