شغف القراءة – د. بديعة الهاشمي

صباح / مساء الخير،

كتبت الدكتورة بديعة الهاشمي قراءة مستفيضة في كتاب «داخل المكتبة.. خارج العالم!» الذي قمتُ بجمع نصوصه وترجمتها، وذلك في العدد الحالي من مجلة «الفجيرة» الثقافية. ويمكنكم الاطلاع على قراءتها من خلال الصور التي أرفقتها بتغريدتها من هنا عبر حسابها الشخصي في موقع تويتر.

أشكر جميع من اهتم بالكتاب يومًا، ولكم خالص التحية والتقدير.

 

مهمة قصة الجريمة – أمبرتو إيكو

صباح / مساء الخير جميعًا،

UE

في العدد الحالي من مجلة «الفيصل»، ستقرؤون مقالًا مترجمًا من قبلي (وقلبي) للكاتب الإيطالي الكبير أمبرتو إيكو، بعنوان «مهمة قصة الجريمة». المقال مستل من آخر كتاب مترجم له إلى الإنجليزية بعنوان «يوميات مجتمع سائل»، الذي جُمعت مادته وترجمت بعد وفاته.

للإطلاع على المقال، اضغط(ي) هنا.
أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

أنا خائفة من المستقبل – سارة مانغوسو

صباح / مساء الخير جميعًا،

SM1

في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج»، ستقرؤون أولى ترجمة للكاتبة الأمريكية سارة مانغوسو إلى اللغة العربية، عبر قصة بعنوان “أنا خائفة من المستقبل”.

تعريف:
سارة مانغوسو (1974 – الآن) كاتبة وشاعرة أمريكية، تدرّس ماجستير الفنون الإبداعية في كلية نيو إنغلاند. حازت في عام 2003 على منحة هودر من جامعة برنستون، وفي عام 2008 حصلت على جائزة روما من الأكاديمية الأمريكية في إيطاليا، كما ظهرت كتاباتها في كبرى مطبوعات الأدب في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. من أعمالها «المواصلة: نهاية دفتر يوميات»، «300 حجة»، «توقّف أيها المسافر».

أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

فيستا دي ماري – ستِوَرت دايبك

صباح / مساء الخير،

imageedit_2_7314598765

في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج»، ستقرؤون قصة بعنوان “فيستا دي ماري”، للكاتب الأمريكي الكبير ستِوَرت دايبك. هذا وقد سبق أن ترجمته إلى العربية لأول مرة في مدونتي، بقصة عنوانها “شطيرة صدر“.

أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

نظافة – آغنيشكا تابورسكا

صباح / مساء الخير جميعًا،

1416492791_dsc06953

في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج»، ستقرؤون أولى ترجمة للكاتبة البولندية آغنيشكا تابورسكا إلى اللغة العربية، عبر قصة بعنوان “نظافة”.

تعريف:

آغنيشكا تابورسكا (1961 – الآن) كاتبة وأكاديمية بولندية مهتمة بالمذهب السوريالي في الفنون، وتعمل الآن في سلك التدريس بكلية رود آيلاند للتصاميم. من أعمالها «حياة فيبي هيكس غير المكتملة»، «متآمرو الخيال»، «مقالات حول السوريالية»، «الحوت، أو فرصة عادلة».

أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

المقصود – إليزابِث إلِن

صباح / مساء الخير جميعًا،

EE2

في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج»، ستقرؤون أولى ترجمة للكاتبة الأمريكية إليزابث إلن إلى اللغة العربية، عبر قصة بعنوان “المقصود”.

تعريف:

كاتبة وناشرة أمريكية شابة بارزة، حازت على جائزة بوشكارت للقصة القصيرة عام 2012 عن قصة بعنوان “ثقافة مراهقين”، وظهرت قصصها في عدة مواقع ومجلات أدبية، مثل «ماك سويني»، «ذا غارديان»، «جوي لاند»، «صالون». كما أطلق موقع «ليت هوب – Lithub» الأدبي الشهير على روايتها بعنوان «قناع شخصٍ ما» لقب «أفضل عمل في الأدب التجريبي» عام 2017. من أعمالها الأخرى «قصص سول»، «آلة سريعة»، «قصائد»، «بريدجيت فوندا».

أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

الإسكافي الفيلسوف – سكوت راسل ساندرز

 

SRS

صباح / مساء الخير جميعًا،

في عدد هذا الأسبوع من «زهرة الخليج»، ستجدون بإذن الله قصة للكاتب الأمريكي سكوت راسل ساندرز، في أول ترجمة له إلى اللغة العربية، بعنوان “الإسكافي الفيلسوف”.

أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

تعريف:
سكوت راسل ساندرز (1945 – الآن) كاتب أمريكي مخضرم في مجالات الرواية والقصة القصيرة والمقال، ويعمل أستاذًا للغة الإنجليزية في جامعة إنديانا. حصل على جائزة لانان الأدبية، وجائزة جون بوروز لفن المقال، وجائزة مارك توين، بالإضافة إلى منحتي تفرغ من مؤسسة غاغنهايم والمجلس الوطني للفنون. ومن أعماله «تاريخ خاص للرهبة»، «قوة الروح»، «مطاردة الأمل: رحلات أب»، «بيان لمناصر الحفاظ على البيئة».

طيران – كيرستن فالديز كوايد

صباح / مساء الخير جميعًا،

في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج»، ستقرؤون أولى ترجمة للكاتبة الأمريكية كيرستن فالديز كوايد إلى اللغة العربية، عبر قصة بعنوان “طيران”.

ومن باب التعريف، كيرستن فالديز كويد اسم واعد في مسيرة الأدب الأمريكي المعاصر. حازت على جائزتي “أو. هنري” التي تقدمها رابطة القلم الدولية، وجائزة جون ليونارد عن مجموعتها القصصية الوحيدة التي صدرت حتى الآن، بعنوان «ليلة قرب الاحتفالات». بالإضافة إلى ترشيحها لعدة جوائز أدبية أخرى.

أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

kirstin-valdez-quade-700x867-300x400-c-default

 

صيد البط – ريونوسوكيه أكتاغاوا

صباح / مساء الخير جميعًا،

في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج»، ستطالعون بمشيئة الله قصة للكاتب الياباني ريونوسوكيه أكتاغاوا بعنوان “صيد البط”.

تعريف:
ريونوسوكيه أكتاغاوا (1892 – 1927) كاتب ياباني شهير في حقبة الإمبراطور تايشو، ولقبه “أبو القصة القصيرة الحديثة اليابانية”. من أعماله «راشومون» و«خريف»، و«الشهيد»، و«في أيكة البامبو»، و«شبكة العنكبوت».

أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

akutagawa_ryunosuke_photo2

 

كيف أكتب؟ – نيل غايمان / جايمان

صباح / مساء الخير جميعًا،

في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج»، ستطالعون بمشيئة الله نصًا للكاتب البريطاني البديع نيل غايمان حول الكتابة الإبداعية، بعنوان “كيف أكتب؟”

نيل غايمان / جايمان (1960 – الآن) كاتب بريطاني لامع في مجال القصص والروايات والمسرح والسيناريو، ومن المميزين في مجال الخيال العلمي والفانتازيا، حيث حاز على كل جوائزهما مثل جائزتي نيبولا وهوجو. من أعماله «المحيط في نهاية الدرب»، «كورالاين»، «آلهة أمريكية»، «غبار النجوم»، «دخان ومرايا»، «أشياء هشة». كما سبق لي أن ترجمت له من قبل في كتاب «داخل المكتبة.. خارج العالم!»

أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

neilgaiman050716bsheehan032bw

قصائد حب – لون أوتو

صباح / مساء الخير جميعًا،

في عدد هذا الأسبوع من «زهرة الخليج»، ستجدون بإذن الله قصة جميلة للقاص وأستاذ الكتابة الأمريكي لون أوتو، في أول ترجمة له إلى اللغة العربية، بعنوان “قصائد حب”. هذا ويدرس لون أوتو الكتابة في جامعة سانت توماس لمدة تناهز الأربعين عامًا، وحازت مجموعته بعنوان  «عشٌ مبني من الخطاطيف» على جائزة آيوا للآداب في مجال القصة القصيرة. من أعماله الأخرى «احمني»، و«رجل في مشكلة».
أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

140522mde203_081a-1200x520

كل يوم – لينور غوراليك

صباح / مساء الخير جميعًا،
3rnpix2jqn8e028fahyamw

     في عدد هذا الأسبوع من «زهرة الخليج»، ستجدون بإذن الله قصة بديعة للكاتبة الروسية لينور غوراليك (1970 – الآن)، في أول ترجمة لها إلى اللغة العربية، بعنوان “كل يوم”. من أعمالها القصصية «غرباء»، «كتاب الاقتباسات»، «وجبات ليست للأطفال»، «أغاثا تعود إلى المنزل».

     أتمنى للجميع قراءة ممتعة!

 

عزلة أخرى.. مجددًا!

الأصدقاء الكرام والمتابعين الفضلاء لحساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي،

جمهور المدونة الرائع،

لمن لاحظ منكم، فقد عطّلت حساباتي ما عدا الموجود في موقع «غودريدز»، وذلك حفظًا لوقت مخصص لمشروع قد يطول.

سأواصل النشر بشكل أسبوعي لدى مجلة «زهرة الخليج» بإذن الله، وسأعلن عنها كلّما صدر عدد جديد. كما أني سأحاول المشاركة بتدوينة/ترجمة هنا متى ما تيسر الوقت، وإن شاركت خارج المدونة بتصريح أو مقال أو ترجمة فسأعلن عنها مباشرة. لذا، لا تبتعدوا كثيرًا ^_^

أما الراغبين في التواصل لأجل العمل، فالبريد هو radhi@outlook.com

أشكركم على مواصلة المتابعة.

كونوا بخير،
راضي

وحدة – إدوَرد ماركيز

marquez.0

صباح / مساء الخير،

في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج»، ستطالعون بمشيئة الله قصة بعنوان “وحدة” للكاتب الإسباني الكتالوني إدوَرد ماركيز.

وإدوَرد (1960 – الآن) كاتب شهير في إقليم كتالونيا. حازت روايته «قرار بريندن» على أغلب جوائز الأدب هناك، بما فيها جائزة النقّاد.

أتمنى للجميع قراءة ممتعة.

تغير – ج. روبرت لينون

10_29_14_j.20robert20lennon_0027

     في عدد هذا الأسبوع من «زهرة الخليج»، ستجدون قصة مثيرة للتأمل بقلم الكاتب الأمريكي المبدع ج. روبرت لينون وبترجمتي، وتحمل عنوان “تغير”. الجدير بالذكر أن هذه أول مادة مترجمة له إلى اللغة العربية.

     وعلى سبيل التعريف،  ج. روبرت لينون (1970 – الآن) أستاذ الكتابة الإبداعية في جامعة كورنِل، وأحد أهم الأسماء الشابة اللامعة في الأدب الأمريكي المعاصر. صدر له ثمان روايات ومجموعتان قصصيتان. من أعماله  «بروكِن ريفر»، «مألوف»، «ساعي البريد»، «المضحكون»، «قطع لليد اليسرى»، «أراك في الجنة».

جمعية المؤرخين – غلِن شاهين

ترجمت هذا الأسبوع في «زهرة الخليج» قصة للكاتب الكندي غلِن شاهين، بعنوان “جمعية المؤرخين”.

ومن باب التعريف، فغلِن شاهين شاعر وقاص كندي، حازت مجموعته بعنوان «المفترس» على جائزة آغنز لينش ستاريت الأدبية، التي تقدمها جامعة بيتسبرغ. من أعماله الأخرى «وحشية بلا رادع» و«ممر الطاقة».

أتمنى للجميع قراءة ممتعة.

عن الكتّاب “الندماء”

“لا تمل على الكاتب ما يفعله في محاولة منك كي تصير إياه، بل كن ذلك الزميل الذي يسانده ويتواطئ معه.”

–       فيرجينيا وولف، كيف نقرأ كتابًا كما يجب، “داخل المكتبة.. خارج العالم!”.

     على أن الاقتباس أعلاه موجه للقراء في المقام الأول، إلا أني أود الحديث عن الطرف الآخر. 

مع مرور الأيام، ستجد أثناء قراءتك كتابًا أشبه بالأصحاب، بندماء الليل، يعرفون ما تحبه، وما تود قراءته، وينجحون في كل مرة إما بشخصياتهم التي يخلقونها أو المواضيع التي يطرحونها في كل كتاب تقرؤه لهم أو الأسلوب، فتقوم – عبر اللاوعي – بتخزين كتبهم لمناسبات حيرة اختيار الكتاب القادم، ولا يخيب ظنك حين اختيارهم. لن يكتبوا كتابًا رائعًا بالضرورة، ولن تعلّق بهم آمالًا عظيمة (بالمناسبة، تحية لديكنز 🙂 )، لكن لو أتاك كتابٌ له فلن ترفض قراءته أبدًا؛ إذ ما يجمعك به المودة، وليس الحب أو الهوس. مثل أصدقائك الذين يعرفون كل ما فيك، ومع ذلك يحبونك.

والمودة عندي أعمق لأنها تفترض حيزًا للأخطاء والزلل فتغفرهما مباشرة، على عكس الكتّاب الذين تجلهم، حين تقرأ كتابًا ما فيبهرك ثم “ينتكس” في الثاني حسب اعتقادك، فتدنو منزلته وتبدأ تحتفظ بمعيارٍ معين للإعجاب بكتبه، فإما “الاعترافات” أو لن يعجبك ربيع جابر، أو “الإخوة كارامازوف” أو لن يعجبك دوستويفسكي، أو “خالتي صفية والدير” أو لن يعجبك بهاء طاهر… وهكذا.

CareerPath2-1444864492
على أن هذه الصورة مرتبطة أكثر بعالم المال والوظيفة، إلا أن الكاتب النديم يقوم بما يفعله صاحب السلم تمامًا. (من التدوينة: “يعرفون ما تحبه، وما تود قراءته، ويصيبون في كل مرة”.)

     

     هل الندماء كتّاب مفضلون؟ لا أعلم، لأنك لا تتذكر مشوارًا بأكمله حين تُسأل عن كاتبك المفضل، بل تتذكر عناوينَ بعينها وقد تضع أحدهم في تلك القائمة بسبب تلك العناوين، وبالضرورة لن تتذكر عنوانًا محددًا لهم، وسيغيبون عن البال. هل تضنّ بهم عن الناس في لا وعيك؟ أم أنت تقرّ بأنهم ممتعين ويلزمك شعور بالذنب حين تكشف عن قراءتك لهم (guilty reads)؟ لا أعلم أيضًا.

     أمّا ندمائي فهم لويس سبولفيدا، خليل صويلح، عتيق رحيمي، إيزابيل الليندي، علي بدر، رشيد الضعيف، أميلي نوثومب.

     أتمنى أن تعثروا على العديد من الكتّاب الندماء. صحيح أن العمر قصير والكتب كثيرة – على حد تعبير ابتسام المعلا – لكنها أقصر من المطاردة على أمل أيضًا 🙂

     أود سماع أفكاركم.

خيال – جيمز روبرتسُن

صباح / مساء الخير،

ستطالعون في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج» – بمشيئة الله – قصة بعنوان «خيال» للكاتب جيمز روبرتسُن، في أول ترجمة له إلى اللغة العربية.

ومن باب التعريف، فروبرتسُن (1958 – الآن) كاتب وشاعر اسكتلندي شهير ومرموق، من أعماله «جوزيف نايت»، «شهادة جيديون ماك»، «ما زالت الأرض ثابتة»، «أستاذ الحقيقة»، «365 قصة». وقد رُشحت روايته «شهادة جيديون ماك» لجائزة مان بوكر عام 2006.

أتمنى للجميع قراءة ممتعة. سارعوا لاقتناء العدد قبل النفاد.

zahrat

 

ذاكرة طويلة المدى – جيمس تيت

james-tate

في عدد هذا الأسبوع من «زهرة الخليج»، ستجدون قصة لطيفة ظريفة للشاعر الأمريكي جيمس تيت (1943-2015) بترجمتي.

ويعد جيمس تيت أحد سادة الشعر في الولايات المتحدة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وقد حاز على كل من جائزة البوليتزر والجائزة الوطنية للكتاب في ذلك المجال. من أعماله «الجنود الأشباح»، «الطيار المفقود»، «مسافة عن الأحباب»، «مذكرات الصقر»، «أحلام نحلة آلية راقصة».

أتمنى للجميع قراءة ممتعة. سارعوا لاقتناء العدد قبل النفاد.

 

توني موريسون لأول مرة!

صباح / مساء الخير،

سعدت هذا الأسبوع بترجمة نص لكاتبة أحترم نتاجها، وهي الأمريكية توني موريسون (نوبل 1993)، لأول مرة؛ وذلك في العدد الحالي من مجلة «زهرة الخليج». الجدير بالذكر أن النص عن الكتابة وما يحدث فيها على الصعيدين الذهني والعملي.

أتمنى للجميع قراءة ممتعة. سارعوا لاقتناء العدد قبل النفاد!

zahrat-coverf

 

ليديا ديفز من جديد، لكن في مكان آخر

صباح / مساء الخير،

ستطالعون في عدد هذا الأسبوع من مجلة «زهرة الخليج» ترجمة جديدة لإحدى قصص الكاتبة الأمريكية الكبيرة ليديا ديفز، التي سبق وترجمت لها أول مرة قبل ما يقارب الأسبوع في هذه التدوينة. والقصة بعنوان “ما من أحداث كثيرة”.

أتمنى للجميع قراءة ممتعة. سارعوا لاقتناء العدد قبل النفاد!

 

zahrat2

العاشقان – آنا ماريا شوا

     لطالما حلما بتناسخ أرواح يسمح لهما بالتقبيل في العلن، وقد ماتا معًا في حادث خلال أحد مواعيدهما السرية. عاد إلى الحياة على هيئة فيل سيرك وهي على هيئة زهرة بيتونيا. وبما أن دورة حياة زهرة البيتونيا قصيرة جدًا، لم تتح لهما اللقاء في ذلك الزمن. أما في التناسخ التالي فكانا بشريين، لكن بفارق ثلاث وستين عامًا بينهما؛ إذ صارت البابا، أما هو فصار فتاة صغيرة جميلة مُنحت الإذن كي تقبل خاتمه أمام جمهور.

ams

من باب التعريف:

تعد آنا ماريا شوا (الأرجنتين، 1951 – الآن) أحد سيدات ما يُعرف بالقصة القصيرة جدًا في الأرجنتين، مع مساهماتها العديدة في الرواية والشعر والمسرح والسينما والفولكلور. من أعمالها: «كتاب الذكريات» (رواية، حازت بموجبها على جائزة غاغنهايم الدولية)، «عشاق لوريتا» (رواية اقتبست إلى فيلم بنفس الاسم)، «مسوخ السيرك» (مجموعة قصصية، حازت بموجبها على الجائزة الوطنية للأدب)، «إصلاح سريع» (مجموعة قصص قصيرة جدًا)، «أنا والشمس» (مجموعة قصائد).

ساراماغو في «زهرة الخليج»!

saramago

ما قرأتموه صحيح، وليس مجرد حيلة بائسة لزيادة زوار المدونة.

ستطالعون في هذا العدد باكورة ترجماتي بالتعاون مع مجلة «زهرة الخليج»، بعنوان “كيف صرت كاتبًا؟” للكاتب البرتغالي العظيم جوزيه ساراماغو (أو ساراماجو حسب ما رأى المحرر) الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1998.
شكرًا لرئاسة تحرير المجلة وطاقمها، وأتمنى لكم/ لكن قراءة ممتعة.
سارعوا لاقتناء العدد قبل يوم الخميس.

zahrat-cover

 

تحديث بتاريخ 1 مايو: هنا رابط المادة لمن شاء الإطلاع. 
https://www.zahratalkhaleej.ae/article/562076/

ترجمة أخرى خارج المدونة

سعدت بالمشاركة في منصة ثقافية وليدة بعنوان “معنى“، ونرجو لها أن تستمر في ما تطرحه من مواد نوعية. يدير المنصة الأستاذ بدر الحمود بشكل عام، وأحد منسقي ترجماتها هو المترجم اللامع والصديق العزيز إبراهيم الكلثم.
المادة عبارة عن مراجعة قصيرة لكتاب “متحف الحواس” لكونستانس كلاسين، الذي يتناول التجربة الفنية المرتبطة بعالم الحواس. ويجمع الكتاب ما بين الحقائق التاريخية والمعاصرة التي قد تغدو معتبرةً في النقاشات الأنثروبولوجية هذه الأيام.

المادة من هنا، وأتمنى لكم قراءة ممتعة.

ترجمة جديدة + خبر جديد

صباح الخير،

نقلت نصًا آخر إلى اللغة العربية لأول مرة، للكاتب الرائع بيتر أورنر، أستاذ الكتابة الإبداعية واللغة الإنجليزية بجامعة دارتمُث، وهو قصة قصيرة جميلة بعنوان «الطَّوف»، وآمل أني قد وُفّقت في نقلها.

إلا أنني لم أنشرها هنا، بل في مجلة «أوكسجين»، التي يديرها الكاتب والمترجم زياد عبدالله، وهنا رابطها وله خالص الشكر والتقدير.

ولبيتر عدة مؤلفات جميلة يجب نقلها إلى العربية، منها: «عودة مافالا شكونغو الثانية» (رواية، 2006) – «حب وعار وحب» (رواية، 2010) – «قصص أستير» (مجموعة قصصية، 2001) – «آخر سيارة فوق جسر ساغامور» (مجموعة قصصية، 2013) – «هل أنا لوحدي هنا؟: ملاحظات حول القراءة لأجل الحياة والحياة لأجل القراءة» (مقالات، 2016).

أتمنى لكم قراءة ممتعة.

على صعيد آخر، يبدو أن موقع «غودريدز» لا يتيح ميزة حذف الحساب بصفة مؤقتة، ولذا فقد حُذف حسابي هناك، وأنشأت حسابًا جديدًا في هذا الرابط. أرجو إضافتي لمن يهتم. (يتضح أن آخر ما قرأت كان رواية «خزي» الرائعة للكاتب الجنوب أفريقي ج. م. كويتزي، وأوصي بها للغاية).

 

احتفاء

اللهم لك الحمد في كل وقت وعلى كل حال. أنا سعيد جدًا.

     يسرني – بل ويطيب لي ويشرفني – الإعلان عن صدور مجموعة صديقي وأستاذي عبد الله ناصر القصصية بعنوان «العالق في يوم أحد»، والتي ستنشر لدى دار التنوير في بيروت وستحظى بأول ظهور لها خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام. وتعد «العالق في يوم أحد» مجموعته القصصية الثانية، حيث أصدر قبلها مجموعة بعنوان «فن التخلي» عن نفس دار النشر، وحظيت باستقبال نخبوي وجماهيري كبير منذ ثلاثة أعوام حتى اليوم.

     من أراد قراءة أدب يفتخَر به من الجيل الشاب، فعليه بما يكتب عبد الله ويترجمه؛ وذلك إما عن طريق مدونته الشخصية، أو حسابه في تويتر.

     لا تفوتوها!dxvcjw8wkaabij0

إعلان

إلى من يهمه الأمر،

لقد قمت بإغلاق حساباتي في جميع مواقع التواصل (فيسبُك، تويتر، غودريدز) بصفة مؤقتة، لكني سأواصل طرح كتاباتي وآرائي وترجماتي هنا في المدونة؛ وإن صدر لي مقال أو ترجمة في مكان آخر سأضع رابطه في تدوينة هنا أيضًا.

ولمن يرغب في التواصل لعملٍ أو غيره، تسعدني المراسلة حتمًا على بريدي الإلكتروني.

Radhi@outlook.com

تحياتي،
راضي

حول الكتابة، والإلهام، والرفض – كارلوس رويز زافون

بين فترة وأخرى، تقوم جريدة “ذي غارديان” البريطانية المرموقة باستقطاب كتاب مشاهير حول العالم عبر دردشة مباشرة على الانترنت مع العديد من المعجبين في ما يخص كتبهم وحياتهم. وفي يونيو 2012، قامت باستضافة الكاتب الإسباني الشهير كارلوس رويز زافون، وقد صدرت له بالعربية حتى الآن روايتان هما “ظل الريح” و”لعبة الملاك” بترجمة الكبير معاوية عبد المجيد.

أترككم مع الحوار، مع ملاحظة أنني قمت بمحاكاة أسلوب الدردشة قدر ما يمكن دون الإخلال بترابط الجملة السليم باللغة العربية.

قراءة ممتعة!

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

كل كتبك عن قوة القصص. أين تكمن الجاذبية في تأليف كتب عن… الكتب؟

لا أظن جازمًا أنني أكتب عن الكتب، بل عن الناس والقصص واللغة والأفكار. صحيح أن الكتب في رباعية “مقبرة الكتب المنسية” مرتبطة بعالم القراء والكتاب وبائعي الكتب والناشرين وجميع الناس في فلك الأدب، لكنها تحاول الخوض في ثيمات الأدب الكلاسيكية، فهي تطمح لأن تكون عن الحياة. والكتب والأدب، أو الحكي، ليسوا سوى جزءٍ منها.

هل “مقبرة الكتب المنسية” مستلهمة من مبنى واقعي في برشلونة؟
كم تطلب الوقت منك كي تكتب “ظل الريح” منذ الفكرة الأولى وحتى “المخطوط” النهائي؟
علاقة الأب والابن في هذا الكتاب مميزة، هل لديك علاقة حميمية مع أبيك؟

ليس كذلك. فقد راودتني فكرة المقبرة أثناء عيشي في لوس أنجلوس. وقد كان إلهام كبير مستنبطًا من مكتبة كتب مستعملة في لونغ بيتش بولاية كاليفورنيا، وتدعى “أيكرز أوف بوكس – فدانات من الكتب”. لا أعتبر “مقبرة الكتب المنسية” بالنسبة لي استعارة للكتب فقط، بل للأفكار والجمال والمعرفة بالنسبة للناس ولعالم العقل وللذاكرة.. ولكل الأشياء التي تجعلنا بشرًا وتضفي المعنى؛ والكتب، بطريقة ما، رمز لكل ذلك في القصة.

يتطلب مني الأمر عادة سنتين لتأليف كتاب من هذا النوع، ولا يعد الـ”ظل” استثناء.

علاقتي بأبي ليست كعلاقة دانيال في الـ”ظل”. صحيح أن بعض آفاقها مشابهة، لكن أبي شخص مختلف تمامًا عن أبي دانيال، وأنا أميل لكاراكس من دانيال فعليًا. C’est la vie. (بالفرنسية: هذه هي الحياة. (المترجم))

ما هو الفرق بين كتابة روايات اليافعين والبالغين؟ أو، هل ثمّت فرق بينها أصلًا؟ وأيهما تفضل ولماذا؟
واضح أن في “مقبرة الكتب المنسية” رسالة رثاء في ما يخص الكتب. ما موقفك في نقاش الكتب ضد الكتب الإلكترونية؟
لماذا تكتب بالإسبانية عوضًا عن الإنجليزية؟ هل تمنحك تلك اللغة شيئًا لا تقدر الإنجليزية عليه؟ وإن كان ذلك صحيحًا، فما هو ذلك الأمر؟

لا أعتقد أن عملية الكتابة مختلفة جدًا بين كتب اليافعين والبالغين. فأنا أحاول الكتابة للناس الذي يحبون القراءة، ولا أقلق كثيرًا تجاه أعمارهم. فالعمر بالنسبة لقارئ خاصية نسبية للغاية. أحب كتابة الكتب للقراء الذين يحبون الأدب واللغة والحكي… ولا أطلب منهم بطاقة هوية كي أتفقد أعمارهم. وأود الاعتقاد بأنني، بطريقة ما، أكتب للقراء بجميع الأعمار.

ليس لدي نقاش أو أطروحة بشأن الكتب ضد الكتب الإلكترونية. فالكتب كتب، وليست المنصة التي توَزَّع من خلالها. أي سيمفونية لموزارت هي الموسيقى، ليست القرص المدمج أو الشريط أو ملف MP3  أو FLAC. بل الموسيقى. والأدب نفس الشيء تمامًا بالنسبة إلي. فهو مرتبط بالعمل الفني، باللغة، بالإبداع.

أكتب بالإسبانية لأنني إسباني. فقد ولدت في برشلونة، والإسبانية والكتالانية لغتيَّ الأم. أعتقد أن على كاتب السرد القصصي محاولة الكتابة باللغة التي تعلم القراءة والكتابة عبرها.  لأن هناك أمرًا مهمًا للغابة بشأن تلك الرابطة ولن ترغب بالعبث به. كل اللغات تمنح شيئًا وتأخذ آخر. فاللغات الرومانية كالإسبانية والإيطالية والفرنسية والكاتالانية والبرتغالية تملك – فيما أظن – مدى هائلًا من الدهاء والتفاصيل، بينما توفر الإنجليزية – مثلًا – الترابط والدقة. وآمل فقط أن أصير طليقًا في كل لغاتي.

أذكر لنا بعض ما تستلهمه دومًا ككاتب؟

أستلهم الحياة وتجربتي الشخصية وذكرياتي وما أراه بداخلي ومن حولي.. كما أني ملهم بالأدب، وبالموسيقى والجمال بشكل عام. أنا مغرم بالجمال، والكافيين يقوم بعمل جيد.

ما هي مكتبتك المفضلة حول العالم؟
هل هناك إلهام من الحياة الواقعية لـ“مقبرة الكتب المنسية”، مثل مكتبة مهجورة أو غرفة قراءة صغيرة مجهولة؟
إن استطعت إنقاذ كتاب واحد، فماذا سيكون؟

أحب مكتبات عديدة، وأحدها تدعى “أتينيو برشلونة”، نادٍ أدبي بعمر قرن في منطقة القرية القديمة. لكن أعطني مكتبة وستجدني منحازًا لها.

إن استطعت انقاذ كتاب… مممممممم. أظن أن الإجابة الصائبة سياسيًا هي كتاب كلاسيكي أو كتاب رائع نحبة جمعًا. وبما أن هذا العالم كبير وشرير بلا قلب والرب يحب الأشرار، سأدع توأمي الشرير يختار، وسيختار إنقاذ كتابٍ لي، بقدر ما لا يستحق ذلك الكتاب كما يبدو. الكتاب مثل ذلك، مواطنون محزنون.

هل هناك نصيحة لمؤلف جديد؟
هل تستمع إلى الموسيقى حين تكتب؟
أهناك هواية يمكنك الاعتراف بها؟

اكتب واكتب واكتب، ثم أعد الكتابة حتى الموت. اعمل بجد. تعلم حرفتك. لا تستسلم. ثابر. لا تكن متكبرًا أو حسودًا أو كارهًا بغل. اعمل بجد لأجل أهدافك، واكتب من قلبك، لكن تأكد أن تلك الكتابة مرت بدماغك قبل أن تصل إلى أصابعك. هل ذكرت عدم الاستسلام؟

الموسيقى أكثر ما أقدره في العالم، لذا علي أن أكون حذرًا إذا ما كتبت أثناء الاستماع، لأن عقلي يتجول في موسيقى الجوقات وأي موسيقى ذات وتر خفيض.  صحيح أنني أقوم بالاستماع إلى الموسيقى في بعض الأحيان، لكن بطريقة منضبطة بعمق.

هوايات يمكن الاعتراف بها؟ عزف الموسيقى وكتابتها، ومشاهدة سيرورة العالم، ومطاردة الجمال والمعرفة والتبطل المطلق.

ما هو الكتاب الذي ألهمك حين كنت شابًا؟
هل هناك كتاب بعينهم قد ألهموك كي تصير كاتبًا بنفسك؟
ما هو مشروعك القادم؟

لا أستطيع الإشارة الى كتاب ألهمني بعينه. أقول أنها كانت كل الكتب، وعالم القراءة، والأدب والحكي بشكل مجمل. والأمر ينطبق بذاته تجاه الكتاب، فهناك ما لا يحصى منهم.

أعمل الآن على الكتاب الرابع والنهائي في “مقبرة الكتب المنسية”. تمنّ لي الحظ!

هل لديك روتين للكتابة؟
كيف تعمل مع مترجمي رواياتك؟ هل هناك تصرفات تحريرية في الإصدارات المترجمة من كتبك؟

أعمل في مكتبي/استديوهي ساعات طوال، بمعدل خمسة أيام في الأسبوع، وستة أو سعبة في بعض الأحيان. أعيد الكتابة بقدر ما أكتبه وباستمرار. أتجول حول الغرفة، وأحدث نفسي. أتحرك من طاولة الكتاب إلى بيانو أملكه في المكتب. ألعن معوقاتي. أشرب الكافيين بكثرة. أفكر بمشوار مهني تجاه الرسم على الجدران… بعدها أعيد الكتابة مرارًا، فأعمل لمدة أشهر على النهاية حتى يقترب ما أملكه بأكثر قدر ممكن إلى ما حددت فعله.

أعمل مع بعض مترجمي بقرب، وفي بعض الأحيان أقوم بعدة تصرفات تجاه الترجمات عبر إعادة كتابة بعض الأجزاء والتأكد أن ما ستقرؤونه قريب بقدر المستطاع إلى النسخة الأصل. وفي أحيان أخرى أتركهم كي يذودوا عن أنفسهم ولتفترسهم الوحوش. هكذا أعمل.

كمؤلف أدب يافعين شاب ذي ملف مليء برسائل رفض المخطوطات، كنت أتساءل عن عدد ما تلقيتَ منها قبل أن تصل إلى كل من الوكيل المهم وصفقة النشر، وهل أحسست بالهزيمة؟

نشرت كتابي الأول قبل أكثر من عشرين عامًا، لكن صحيح أن أعمالي قد رُفضت كثيرًا، وكل الكتاب يتلقون ذلك. فلا تكن منهزمًا منهم، وواصل العمل. أكمل التعلم ولا تستسلم أبدًا، فالكتاب يكتبون مهما حدث. وصحيح أنك تشعر بالهزيمة، لكن ليس إذا كنت كاتبًا، لأن الكتاب يكتبون، أما النشر فمسألة مختلفة. ابق قويًا، وكن صريحًا تجاه نفسك واعمل بجد، وسيعثر عليك العالم فيما بعد.

كيف ترى انتقالك إلى لوس أنجلوس؟ هل يوفر ذلك منظورًا آخر تجاه كتابتك؟

انتقلت إلى لوس أنجلوس في عام 1994، وعشت هناك لحوالي عشر سنوات. أظن أن مغادرة الموطن والذهاب إلى بلد آخر تعلمك الكثير، وليس أقل ما تعلمك عن نفسك. أرى أن ذلك كان أمرًا جيدًا قمت به. والآن أمضي وقتًا مساويًا في لوس أنجلوس بقدره في برشلونة أو حول أوروبا. وأنا متأكد من أن لوس أنجلوس قد منحتني منظورًا مختلفًا تجاه كتابتي، وذلك يتطور رغمًا عن أي شيء مع الوقت بغض النظر عن المكان على ما أعتقد. لربما غيرني العيش بها كإنسان بشكل عام، مما يعني تغيري ككاتب حتمًا. لكني الآن أتساءل عن مصيري لو بقيت في برشلونة أو انتقلت إلى طوكيو أو باريس… إنها أكوان مختلفة.

متعة المشيب (بلا مزاح)  – أوليفر ساكس

dsc0788-2-low-res

6 يوليو 2013

حلمتُ البارحة بالزئبق على هيئة قطرات هائلة تصعد وتهبط. الزئبق هو العنصر الثمانون <في الجدول الدوري>، وقد كان حلمي مجرد تذكيرٍ بأنني سأبلغ الثمانين يوم الثلاثاء.

لطالما اختلطت العناصر وأعياد الميلاد بالنسبة لي منذ الصبا، ففي الحادية عشر من عمري كنت أقول “أنا صوديوم” (الصوديوم هو العنصر 11)، والآن أنا ذهبٌ في التاسعة والسبعين. قبل بضع سنوات، حين أعطيت أحد الأصدقاء قنينة من الزئبق في عيد ميلاده الثمانين – وكانت قنينة مميزة بحيث لا تسرّب أو تتكسر –، رمقني بنظرة غريبة، لكنه أرسل رسالة ساحرة فيما بعد، وقد كتب فيها نكتة “آخذ قليلًا منها كل صباح لأجل صحتي”.

إنها ثمانون عامًا! أكاد لا أصدق ذلك. أحس أحسانًا أن الحياة تتعلق بابتداءها، ثم الإحساس بها قرب النهاية فقط. كانت أمي الطفلة السادسة عشر من ثمانية عشر ابنًا وابنة، وأنا كنت أصغر أبناءها الأربعة وأكاد أكون الأصغر بين أبناء الخؤولة الكثر من جهتها، كما كنت أصغر ولد في صفي خلال المرحلة الثانوية. وقد استعدت هذا الشعور بكوني الأصغر عمرًا، حتى وإن كنت أشيب من أعرف الآن.

ظننت أنني سأموت في الحادية والأربعين حين مررت بفصل خريفٍ سيء وكسرت أحد ساقي أثناء تسلق الجبال وحيدًا. ضمدت تلك الساق بأفضل ما يمكن ثم بدأت أدفع نفسي بحمق باستخدام ذراعيّ نحو أسفل الجبل. في الساعات التي تلت ذلك، ساورتني الذكريات بخيرها وشرها، وكان أغلبها مشوبًا بالامتنان تحديدًا لما منحني الآخرون، وكذلك لأني صرت قادرًا على منح شيء بالمقابل؛ فقد نُشِرَ كتاب «يقظات»[1] قبل ذلك بعام.

أشعر وأنا في الثمانين تقريبًا – مع قليل من الاعتلالات الطبية والجراحية دون أن تعيقني أي منها – بالسعادة لأني حي، حتى أن جملة من نوع “أنا سعيد لأنني لست ميتًا” تخرج عفويًا حين يكون الجو مثاليًا. (وهذا ما يناقض قصة سمعتها من صديق حين كان يتمشى مع سامويل بيكيت[2] في باريس خلال صباح ربيعي مثالي، فقال له “ألا يجعلك نهار كهذا سعيدًا لأنك حي؟” فأجابه بيكيت “لن أذهب بأحاسيسي بعيدًا إلى حيث تقول”). أنا ممتن لكوني خضت عدة تجارب – بعضها رائع والآخر فظيع – وقدرت على كتابة دزينة من الكتب، واستقبال رسائل بلا عدّ من أصدقاء وزملاء وقراء، والاستمتاع بما سمّاه ناثانيال هاوثورن “معاشرة العالم”.

وأنا نادم على أنني ضيعت (وما زلت أضيع) الكثير من الوقت، وعلى أنني ما زلت خجولًا بقدر ممض في الثمانين مثلما كنت في العشرين، وأنني لا أتحدث أي لغة أخرى سوى لغتي الأم، ولم أرتحل أو أجرب الانخراط بوسع في ثقافات أخرى بقدر ما كان عليّ ذلك.

أشعر بأن علي محاولة إتمام حياتي، مهما كان يعني “إتمام الحياة”. فبعض مرضاي ممن تخطوا التسعينات من أعمارهم ومن تعدى المئة يقولون ما يشبه صلاة سمعان في إنجيل لوقا[3] عبر جمل من نوع “لقد عشت حياة كاملة، والآن أنا مستعد للرحيل”. بالنسبة لبعضهم، ذلك يعني الرحيل إلى الجنة – ولطالما كانت ]الوجهة[ الجنة بدلًا عن الجحيم، رغم أن سامويل جونسون[4] وجيمس بوزويل[5] ارتجفا حين التفكير في الذهاب إلى الجحيم وغضبا من ديفيد هيوم[6] الذي عاش هانئًا بلا معتقدات كهذه؛ فأنا لا أؤمن بوجودٍ لما بعد الموت إلا في ذكريات الأصدقاء، وأمل بأن بعض كتبي ستبقى “ناطقة” للناس بعد مماتي.

غالبًا ما كان يحدثني و. هـ. أودن[7] عن ظنه أنه سيعيش إلى الثمانين ثم “يرحل” (وقد عاش حتى السابعة والستين فقط). وعلى الرغم من أنه مات منذ أربعين سنة، إلا أنني أحلم به كل فترة، وبوالديّ ومرضى قدامى قد ذهبوا كلهم، لكنهم ما زالوا محبوبين ومهمين في حياتي.

في الثمانين، يلوح طيف الجلطة أو الخرف، كما أن ثلث من يعرفهم المرء قد ماتوا – وغيرهم الكثير – إثر إصابة جسدية أو عقلية عميقة، ليحاصروا <بعد ذلك> في حيز مأساوي وضيق. كما تصبح أمارات الرحيل بيّنة للغاية، وانفعالات المرء أبطأ بقليل، والأسماء في الغالب أكثر تملصًا، وعلى طاقاته أن تصير مقتصَدة أكثر. لكن برغم ذلك، قد يحس المرء أحيانًا بأنه ممتلئ بالنشاط والحياة وليس “عجوزًا” بالمرة. لربما أكمل بالحظ سنوات أكثر – بحال سليمة أكثر أو أقل – وسأوهب حرية استمرار المحبة والعمل، أهم شيئين في الحياة، كما يصر <سيغموند> فرويد.

وحين يزف أجلي، أرجو أن أموت أثناء عملي كما فعل فرانسيس كريك[8]. فحين قيل له أن سرطان القولون عاد، رد على ذلك بصمت مطبق، فقد نظر ببساطة إلى المدى لمدة دقيقة ثم استمر بقطار أفكاره. ولما ضُغِطَ بسبب التشخيص عقب أسابيع، قال “ما كان لشيءٍ بداية إلا وله نهاية”. وحين مات في الثامنة والثمانين من عمره، كان ما يزال مندمجًا بالكامل في أقصى أعماله إبداعًا.

كان أبي – الذي عمّر حتى الرابعة والتسعين – يقول على الدوام إن الثمانينات كانت أحد أكثر عقود عمره متعة، إذ لم يشعر بضيق حياته العقلية وتصوراته، بل بتوسعها؛ مثلما بدأت أحس تجاه نفسي. فالمرء لا يخوض تجربة الحياة الطويلة عبر معيشته فقط، لكن مع حيوات الآخرين أيضًا. وقد رأى أفراحًا ومآسي، وانفجارات وعدة إعلانات إفلاس، وثورات وحروب، وإنجازات عظيمة وشكوكًا عميقة كذلك. كما شهد صعود نظريات كبرى حتى انهيارها بفعل حقائق لا تتزحزح، وصار أكثر وعيًا بسرعة زوال الأشياء وربما بالجمال أيضًا. في الثمانين، يمكن للمرء أن يتّخذ مطلًا عاليًا فيمتلك حسًا حيًا وأبهج بالتاريخ لم يقدر على امتلاكه في عمر أقل. أستطيع أن أتخيل ما يبدو عليه قرن من الزمان شاعرًا به في عظامي، وهذا ما لم أقدر عليه حين كان عمري 40 و60 عامًا. لا أفكر بالمشيب على أنه مرحلة أمر وتتطلب من المرء أن يتحملها بشكل ما ويجني أفضل ما بها، بل كمرحلة من الدعة والاستقلال، متحررًا من صدوف الأيام الأُوَل، وأيضًا لأجل استكشاف ما أود، ولربط أفكار ومشاعر حياة كاملة معًا.

أتطلع قدمًا لبلوغ الثمانين.

[1]  أحد أشهر كتب أوليفر ساكس. جمع فيه بين المذكرات والطب النفسي، وقد تحول إلى فيلم شهير من بطولة روبن ويليامز وروبرت دي نيرو.

[2]  كاتب إيرلندي (1906-1989)، وأحد أشهر أدباء العدمية في الأدب الأوروبي. أشهر مؤلفاته “في انتظار غودو”.

[3]  وردت كمصطلح واحد nunc dimittis ولم أستطع العثور على مقابل معجمي باللغة العربية. لكن المقصود هو صلاة سمعان الواردة في الآيات 29 إلى 32 من الإصحاح الثاني في إنجيل لوقا («الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، ** لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، ** الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. ** نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ».)

[4]  كاتب إنجليزي (1709-1784)، وأحد أهم رمز الأدب الإنجليزي.

[5]  محامي وكاتب سير ومؤرخ إنجليزي (1740-1795)، وكان صديقًا عزيزًا لدى سامويل جونسون وكتب سيرة حياته، التي تعد أحد أهم كتب الأدب باللغة الإنجليزية.

[6]  فيلسوف اسكتلندي (1711-1766).

[7]  شاعر إنجليزي أمريكي كبير (1907-1973)

[8]  باحث كيمياء حيوية بريطاني (1916-2004)

حوار مع موقع ألترا صوت

عنوان المادة الأصلي: “حوار مع ثلاثة مترجمين.. في ضباب الترجمة ويأسها”، وهي موجودة في هذا الرابط بمشاركة كلٍ من جولان حاجي، رشيد بوطيب، راضي النماصي

نسخت الجزء الخاص بمداخلتي في الأسفل، وذلك بعد الإذن من موقع “ألترا صوت”. قراءة ممتعة.

—-

لم يقتصر دور الترجمة يومًا على ردم الهوّة التي تحدثها اللغة بين البشر، وتمكينهم من التواصل والتلاقي فقط. ذلك أنّها شكّلت ركيزةً أساسية في تطوير اللغة نفسها، ونقل المعرفة من ثقافة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر. هذا من الناحية الإيجابيّة، ولكن ماذا نعرف عن واقع الترجمة وما يمرّ به المترجمون؟ في هذا المقال، سنعرض تجارب 3 مترجمين لنتعرّف على ذلك.

يرى المترجم السعوديّ راضي النماصي أنّ واقع الترجمة من ناحية تعدد المواضيع، وإن كانت أغلبها أدبيّة، لا يزال بخير. مُشيرًا إلى أنّ التطوّر التقني الذي أتاح الكتب بصيغة إلكترونية كان له دور كبير في عملية الترجمة. ناهيك عن المنح التي تقدّمها ملحقيات بعض الدول للمترجمين، والتي من شأنها أن تخفف الأعباء المادّية على الناشر، وتشجيعه على المضي قدمًا في إصدار الكتب المترجمة. ويقول راضي النماصي إنَّ السبب وراء تراكم الترجمات “المشوّهة” هو المترجمون الذين لا يأخذون الترجمة على محمل الجد.

أمّا في ما يخصّ المعوِّقات التي تواجه المترجمين، يقول راضي النماصي، وهو صاحب “داخل المكتبة.. خارج العالم” أنّها تكمن في الدعم المادّي، ذلك أنّه لم يصل إلى ما هو متأمل منه، وهذا ما يجعل المترجمين يتّجهون عادةً في الترجمة إلى مجالاتٍ أخرى. ناهيك عن معوّق آخر لا يقلّ أهمية عن الأوّل، يتمثّل في نقص الدعم المعرفي، الذي يتلخّص في تبادل الخبرات والتجارب الجديدة”.

ويضيف راضي النماصي في حديثه حول دور الصحافة والإعلام في دعم عملية الترجمة: “لا أرى أنّه دور فعّال، مع احترامي لجهود القليل منهم. فإذا لم يكن هناك صحافي من أصدقائك في مواقع التواصل الاجتماعي، ويرى ما تنشره، لن تحدث غالبًا أي تغطية لصدور الكتاب في الصحف. كما أنّه لن يبحث عن الجديد في معارض الكتب وتقديمه. ذلك لأن لا أحد يتهم بالقراءة كما في السابق. ناهيك عن أنّ دور النشر لم تعد حريصةً على إرسال جديدها أوّلًا بأوّل إلى مكاتب الصحف والمجلّات نظرًا لاتكائها على التسويق الرقمي الذي تستطيع إدارته بنفسها”.

عند سؤالنا لهُ عن أسباب الطفرة الكمية في الترجمات عربيًا، أكّد راضي النماصي لـ”ألترا صوت” أن أغلب الموجود في هذه الطفرة هي ترجمات بصيغة إلكترونية، سواء كانت بشكل مدونة فردية أو جماعية. ويرجع راضي النماصي هذه الطفرة إلى استجابة البعض لموجة/موضة إصدار الكتب في الوطن العربي منذ 2012. ولكن من جهة أخرى، يرى الكاتب أنّ ذلك، في ظلّ هجوم القرّاء على ما صدر من كتب في ذلك الحين، قد يكون مدفوعًا بتراكم ثقافي جاد هدفه الإبداع وتوفير مصادر غير متاحة باللغة العربية. يقول راضي النماصي: “كل ما آمله في هذه اللحظة هو أن تتحسن الأمور معرفيًا وثقافيًا بقدر ما هي آخذة بالتحسن ماليًا”.

تنويه هام

إلى من يهمه الأمر،

يحظر استخدام الورقة المعنونة بـ”متعة مطاردة المعنى” وعرضها بصيغة مطبوعة أو رقمية دون إذن خطي منّي، ومن يفعل ذلك فهو عرضة للمساءلة القانونية.

راضي النماصي

١٧ مارس ٢٠١٨

٩:١٥ صباحًا

ما بعد روبيرتو بولانيو: قراءة في مسار الرواية اللاتينية الحديثة

Roberto Bolano world copyright Giovanni Giovannetti/effigie

    فيما ينشغل الناشرون العرب هذه الأيام بترجمة أعمال الكاتب والشاعر التشيلي الكبير روبيرتو بولانيو بعد أن تُوفِّيَ بثلاثة عشر سنة شاغلًا الدنيا والناس بما قدم، اتجه بقية العالم منذ أن أغمض عينيه للمرة الأخيرة من أجل متابعة مسار الرواية اللاتينية الحديثة، وذلك باعتبار أن أعمال بولانيو تشكل نوعًا من القطيعة بين الجيل الماضي بما ضم من أساطير[1] والجيل الحالي على مستوى اللغة والمواضيع والمعالجة.

    سنحاول من خلال الفقرات القادمة استقراء المواضيع الجديدة للكتّاب الشباب هناك وتقديم قراءة لرواية جديدة جلبت الأنظار في أدب قارة البن والذهب والفودو وكرة القدم.

هل انقضى زمان الكتابة عن الديكتاتور والواقعية السحرية؟

    يروي التاريخ أن آخر عهد لأمريكا اللاتينية بالحكم الديكتاتوري كان في تشيلي بعد أن تنحى بينوتشيه عن السلطة عام 1990، ولم يبق إلا سلطة راؤول كاسترو الموروثة من أخيه فيديل في كوبا. لكن بالرغم من أن رؤوس الأنظمة بجنرالاتها ورفاقهم قد تغير إلا أن الحال لا يشي بتغير مجتمعي كبير؛ فبقيت هناك مظاهر الحياة المعتادة بما فيها من فساد وبيروقراطية وتفكك على مستوى العائلات بفعل المخدرات وانتشار الأسلحة غير المقنن، وهذا ما دفع الكثير إلى الهجرة – إما إلى الولايات المتحدة أو أوروبا – في سبيل حياةٍ ومستوى معيشي أفضل.

**

    إذن انقضى سعي الناس تجاه الديمقراطية بعد أن تحققت على الأرض، وتغيرت مواضيع الأدب بالمجمل من الديكتاتور والمخبرين والثوار وثيمة الحرية والبناء الروائي الذي يغطي فترات محددة إلى الحياة اليومية والفرد وشظف العيش في حكمٍ جديد وعن حياة لاتينيي المهجر وعن إعادة تعريف الكتابة وأغراضها ومآلاتها الجديدة، مما كان يستلزم من المؤلفين لغة مغايرة تسمي الأشياء بأسمائها ولا تتصف بالمواربة والتخييل الجامح والاستعارات المتوالية كما كان في السابق، وهذا – بدوره – أدى إلى صدام نقدي حد اعتبار بعض القصص الصادرة حديثًا عند بعض النقاد “غير لاتينية بما يكفي”، إلى أن ظهر بولانيو وغيَّر نظرة الوسط الأدبي العالمي تجاه قارته بأكملها. هذا لا ينفي بطبيعة الحال وجود الحركات التي سبقته وناهضت الكتابة اللاتينية القديمة وأعلنت عن رؤيتها تجاه الأدب بشكل قوي خلال التسعينات، مثل حركة «ماك-أوندو» برئاسة ألبرتو فوغويت، و«مانيفستو الكوكايين» الذي أمضى عليه خمسة مؤلفين مكسيكيين شباب، وهم: خورخي فولبي – بيدرو آنخل بالو – إيلوي أوروث – إغناسيو باديلا – ريكاردو تشافيز كاستانيدا.

    أتى بولانيو (1953-2003) ليقلب المعادلة تمامًا بشيء لا يشبه غيره، فرغم تعريفه لنفسه كشاعر على خطى نيكانور بارا إلا أنه قد عُرِفَ بقصصه ورواياته ذات النثر الحاد المقتضب والمتسم بالواقعية الصارمة تمامًا والتي تروى بأكثر من تقنية سردية بين فلكي الأدب والجريمة المنظمة، بالإضافة إلى ما يشبه التقاطع مع سيرته الذاتية كون أغلب شخصياته روائيين وشعراء؛ مع ذكر أن الأصوات الساردة في بعض أعماله قد تصل إلى خمسين صوتًا كالموجود في رواية «رجال التحري المتوحشون»، ليلاقي انتشارًا عالميًا هائلًا بالرغم من ارتكابه جميع ما لم يُعْهَد من قبل على نصوص النثر في أمريكا اللاتينية. كانت أعماله تعلن في مضمونها عن اللا مبدأ في الكتابة، وأن جميع الخيارات متاحة في النثر ولا يوجد مكان لا ينحني للتجريب؛ فأتى ذلك بدوره على الكتّاب الجدد من جميع أنحاء القارة ليشكّل كل منهم عالمه وأفكاره تجاه ما يريد بالطريقة التي يرغبها، وهذا بدوره قد أنتج فسيفساء رائعة من الأسماء الشابة المشهورة حاليًا والمتسيدة للمشهد الأدبي هناك؛ وعلى سبيل المثال: أليخاندرو زامبرا (تشيلي)، فاليريا لويزيلي (المكسيك)، خوان غابرييل باثكيث (كولومبيا)، كارلوس لابي (تشيلي)، أندريس نيومان (الأرجنتين)، دانيال غاليرا (البرازيل).

**

«وجوه في الزحام»: مطاردة الأدباء وتعريف جديد للأدب والكتابة والحياة.

    تكتب فاليريا لويزيلي (1983 – الآن) روايتها الأولى بما لا يذكرني سوى بلوحة موريتز إيشر «رسم الأيدي» التي أطلقها للملأ سنة 1948. إذ سنجد رواية ما بعد حداثية تتكون من 150 صفحة من القطع المتوسط عن أم شابة في مكسيكو سيتي وهي تحاول التوفيق بين واجباتها كأم وزوجة وكتابتها لروايتها بينما تتذكر أيامها حين كانت مترجمة تتجول في حي هارلم بنيويورك بحثًا عن آثار الشاعر المكسيكي غيلبرتو أوين الذي عاش في نيويورك خلال بدايات القرن العشرين قبل الكساد الكبير، فيما يحكي الأخير أثناء احتضاره في فيلادلفيا الخمسينات عن صداقاته بنيلا لارسن إبان تلك الفترة ولويس زوكوفسكي وفيديريكو غارثيا لوركا، وعن طيف فتاة ذات معطف أحمر كان يراها في نوافذ القطارات.

    يتسم النثر في هذه الرواية بتقافز مستويات السرد الزمنية الأربعة بين المعاش والذاكرة والمتخيَّل، وكذلك بالصوتين الساردين الذين يندمجان إلى صوت واحد باستخدام عدة ثيمات؛ إذ يدخل الصوت الآخر (غيلبرتو) في البدء كشبح يُرَى في قطار الأنفاق، وبعدها يمرر في ارتجاعات ذهنية Flashbacks تعتري صوت الساردة وهي تحكي عن هوسها به ذلك الوقت إلى أن يظهر بكيانه الكامل ويتحدث عن ماضيه في ما يشبه الرواية التاريخية، فندخل ختامًا في تهويم ماتريوشكي مضاعف لكنه لا يتداخل بحيث يشتت القارئ. هل كانت الشخصية الرئيسية تبحث فعلًا عن شاعر مفقود من عصر نهضة هارلم الأدبية؟ ألا يمكن أن تكون المرأة شبحًا يتوهمه ويحلم به الشاعر الحقيقي؟ ما الذي يمنع أن يكون هناك احتمال ثالث هو أنهما شبحان يحاولان العودة للواقع بينما تجري على يديهما حكاية مؤثرة عن خلق النص الأدبي ومتاهة الترجمة والحب والفقد وعن الحياة التي نعيشها كل يوم في هذا العصر؟

    صدرت الرواية بالإسبانية عام 2012، وظهرت ترجمتها بالإنجليزية التي أتمتها كريستينا ماك-سويني ببراعة عام 2014 لتعلن عن “كتاب يؤكد أن مؤلفته موهبة أدبية جديدة بشكل استثنائي” حسب صحيفة «ديلي تلغراف»، وعن “رواية مكتوبة باحتراف” حسب مجلة «باريس ريفيو» المرموقة. ومما لا شك فيه هو توصيتي بترجمة هذه الرواية الجميلة للغاية إلى اللغة العربية، وسيرافق توصيتي دعاء شخصي بالعون للمترجم لما ستمثله من تحدي على مستوى الذكاء في اللغة.

150908_BOOKS_Luiselli_author.jpg.CROP.promo-xlarge2.jpg

faces-in-the-crowd

———–

[1]  حركة «بووم» الأدبية: كارلوس فوينتس، غابرييل غارسيا ماركيز، ماريو بارغاس يوسا، خوليو كورتاثار… إلخ وما قبلها مثل أليخو كاربنتييه وميغيل أنخل أستورياس وخوان رولفو؛ وإن كانت إيزابيل أييندي بين حركة «بووم» وما بعد بولانيو فإن ثيماتها لم تتغير بشكل كبير عمّن سبقها.

 

«هدام».. ما بناه الإنسان وما بُني عليه

           بشكل عام، نحن نولد وفي جعبتنا أجوبة معدة سلفًا، وهذه الأجوبة لا تأتي سوى من حكايات نسمعها عن أهلنا وهي التي شكّلت هوياتنا بأبعادها (وأهمها الفكرية). ومن هنا تأتي أحد أوجه قوة وأهمية فن السرد وتحديدًا الرواية – في نظري –، إذ أنها تستعين بالحكاية وتمدّداتها من أجل أن تساءل وجودنا كبشر وما قد نكون عليه إن أتانا ما لا نستطيع إيقافه، سواء كأفراد أو كجماعات.

          يخلط فهد الفهد في باكورة أعماله «هدام» (دار أثر، السعودية – 2016) بين الدستوبيا وقدر من الفانتازية ليبيّن سقوط الإنسان المعاصر ما إن يغيب النظام “كفكرة”، ويمكن استدعاء الأخلاق – على سبيل المثال – هنا كنظام فضلًا عن النظام السياسي الحاكم. يأتي مطر جارف لأيام على مدينة خليجية معاصرة دون إغاثة من الخارج، ينقسم الناس في تأويله كما ينقسمون في تأويل أي شيء، لكن في نظام غائب يمتد الاختلاف إلى القتل والسبي والتنكيل بعد أن كان أقصى مداه لا يتعدى عراكًا في مجلس بالإضافة إلى شتيمتين.

          اللغة متقشفة إلى قدر ما مع غياب تام للعنصر النسائي (وهذه سخرية ذات ذكاء مرعب من فهد تجاه حال المرأة في الخليج)، حتى زوجة ماجد كانت تسمى بحالتها الاجتماعية. لا يوجد ما يستدعي المحسنات البلاغية أو الاستعارات في هذه الحال، العاقل – لا بل الناجي – من نأى بنفسه عن الناس وابتعد كما في أحد الحكايات التي يرميها الراوي. تقسيم الفصول حسب مراحل المطر، وبالتالي تسارع الأحداث، واستخدام الراوي العليم أضفيا على الرواية ميزات لا تقدر بثمن، الفنتازيا في ابتعاد النظام وتسمية فريقي النعميين والنقميين بشكل كاريكاتوري كانت تحوي قدرًا من السخرية تجاه الأنظمة المستحدثة اجتماعيًا وتراتبياتها. كما كانت النهاية المفتوحة ضرورية أيضًا بسبب أن الاحتمالات على ذلك الحال لا تعد ولا تحصى، لأن بغياب العقل الجمعي لا يمكن التنبؤ بتحرك محدد وبالتالي بنهاية معينة، كل ما نستطيع فعله هو متابعة حركة التاريخ ومشاهدة من سيربح ورجاء السلامة لمن نحب، لكن يجب أن يحكي أحدهم ما جرى بأكمله كي لا يتكرر خطأ البشرية الأزلي، كتابة التاريخ بقلم المنتصر.

          رواية أولى موفقة من فهد، وننتظر جديده على الدوام.

c2i-blsxcaazhks

«مانشستر على البحر».. وعلى الحزن وفلسفة الندم أيضًا!

movieposter

          يعود المخرج كنث لونرغان (54 سنة) إلى السينما العالمية بشكل مدوي في فيلمه الثالث فقط، وهو يعد معدلًا شحيحًا بالقياس إلى سنّه. كان الأول قد صدر في عام 2000 بعنوان «يمكنك الاعتماد علي» – وهو فيلم جميل وأنصح بمشاهدته –، ثم أتى بعده فيلم عادي «مارغريت» ومن ثم هذا الفيلم الذي لن أصفه بأقل من أعجوبة.

          لدينا «لي تشاندلر» (كايسي آفلك)، عامل نظافة إنطوائي ولديه مشاكله الخاصة في التواصل مع الناس، والتي تتضح من عدة مشاهد في البداية. يتلقى اتصالًا من قرية “مانشستر” – التي نشأ فيها وكانت له حياة حافلة فيها إلى أن انتقل – يخبره بأن أخاه «جو تشاندلر» (كايل تشاندلر) قد أصيب بنوبة قلبية أخرى، وما إن يصل حتى يبلغ بوفاته. يقوم بترتيب الجنازة ويخبره محامي أخيه المتوفى أنه الوصيّ على ابن أخيه «باترك» (لوكاس هيدجز) مما يضعه في صراع معه لأجل الانتقال بجانب تضامن الأغلبية مع «باترك» وبقائه في مانشستر، فهم يريدون التمسك بأماكنهم ولديهم بالفعل ما يسوغهم لذلك، بينما يريد «لي» العودة إلى بوسطن ولكن دون سبب حقيقي أو مسوغ، إلى أن يظهر السبب فيما بعد في عدة مواجهات مع بقية الشخصيات تنبؤنا أن الناس ليسوا سواء فيما يتعلق بتقبلهم للمصائب، وأن الندم قد يشلّ بعضهم عند مواجهة الحياة السابقة / الماضي فيما بعد.

          هناك خفة لا تصدق في هذا الفيلم، فحين يغتاظ المشاهد من برود الشخصية الرئيسية[1] في المشهد الحالي تظهر مشاهد من حياته الماضية بشكل مفاجئ – ودون تهويل تقني – ترينا شخصًا يقف على النقيض تمامًا بمرحه ومحبته للحياة، والتي تقوده شخصيته إلى ما هو عليه الآن في سلسلة أحداث مأساوية. كذلك ينتهي كل انفعال في مشاهد الفيلم بوصف الناس له بأنه “أخ جو” أو “لي”، إذ أن ماضيه لا يدعه حتى بعد تلك السنوات، وقد ساهم تنافر طباع «لي» مع طبع البقية في جعل القصة أكثر مصداقية. تكمن خفة الفيلم في الأدوار الطبيعية والمشاهد التي يمكن أن تراها في حياتك. عم يساعد ابن أخيه بعد فتور العلاقة بينهما، زواج ينهار، التعنيف الأسري الذي يتصدى له شخص عابر – وبالمناسبة فقد كان المخرج –، كل هذه تأتي كتوليفة عبقرية من لونرغان بحيلة ذكية  تكمن في إبطاء دفن الجثة لاعتبارات مناخية. حتى مواجهته عن طريق الصدفة مع زوجته بعد طلاقهما وما حدث بينهما لم تأخذ أكثر من دقيقتين – على عكس المتوقع –، وكان أغلب ما قيل بينهما عبر الإيماءات ولغة مهزوزة، لكنها قالت الكثير مما كان سيضعف الفيلم لو عُبّر عنه بالكلمات. ولعل الخليط يأتي من كون الجميع قد غفروا له ما حدث إلا هو، لم يستطع أن يغفر لنفسه.

          المذهل في الفيلم بجانب خفته على الصعيد التقني هو خلوه من الأداء الدرامي أو محاولة تفسير الحياة بجمل رنانة. لا شيء سوى الحياة كما تحدث وكما نراها بأكثر من عين حسب موقفنا منها. نهاية الفيلم كانت عالية فنيًا رغم رتابة أحداثها، لتأتي بفيلم قريب للقلب ونال العديد من الجوائز حتى الآن.

          ختامًا، لعل من الطريف الإشارة إلى أن مات ديمون قد شارك في إنتاج هذا الفيلم أيضًا، ولكن يبدو أنه لم يقبل الدور الرئيسي بما أنه لم يخطف أو يضيع.

 [1]  أميل لهذه التسمية عوضًا عن “بطل الفيلم”، لأن حمولة كلمة “بطل” في اللغة العربية قد لا تتسق مع شخصيات كثيرة رئيسية في الأفلام، مثل روبرت فورد في فيلم «اغتيال جيسي جيمس» (الولايات المتحدة، 2007).