
قد لا تكون القصة القادمة حقيقية، لكن القصص غير الحقيقية تستحق أن نوليها انتباهنا أيضًا، وذلك لأن ما يضيء في القصص طريقةُ حكيها؛ فأي أحد يحكي هذه القصة سيحكيها بالطريقة التالية:
كان أحد العجزة يمشي حافيًا مهلهل الثياب على الطريق الخارج من بالاتون [إحدى مدن المجر]، ثم لوّح بيده بعد مدة لأنه يرى سيارة ضخمة قادمة. فتوقفت السيارة، وفتح سائقها الباب.
“لماذا تلوّح يا رفيق؟”
“إلى أين أنت ذاهب؟”
“نحن متوجهون إلى بودابست يا رفيق.”
“هلا أخذتني معك من فضلك؟”
“لا توجد مساحة في السيارة يا رفيق.”
ثم أغلق السائق باب السيارة بقوة وانطلق بأقصى سرعة.
ومع بزوغ الشمس، وتلألؤ مياه البحيرة الزرقاء، وتبادلنا العديد من القصص الجيدة، تأتي هذه القصة مرة أخرى أيضًا لكن بمظهر آخر:
كان عجوز حافٍ ومهلهل الثياب يمشي على الطريق الخارج من بالاتون حين اقتربت سيارة ضخمة. توقفت السيارة الضخمة وفتح سائقها الباب:
“هل أنت متجه إلى بودابست أيها العجوز؟”
“نعم.”
“اركب أيها العجوز، سنأخذك معنا.”
اقترب العجوز بعد رد السائق اللطيف، ثم أدخل رأسه في النافذة سائلًا:
“هل يوجَد مذياع؟”
**
كلا القصتين جيدتان، لكنهما غير حقيقيتين؛ بل الحقيقة أن الرجل العجوز الحافي مهلهل الثياب كان يمشي على الطريق حين مرت سيارة ضخمة، لكن لم يخطر بباله أن يلوّح ولا قرر السائق أن يتوقف.
هذه القصة الحقيقية، لكنها ليست بجودة القصتين الأخريين.