الضبع الضاحك – شومي داسغوبتا

يمر الضبع الضاحك بجانبنا كل صباح حين أنظر إلى خارج نافذة غرفة المعيشة بعد الاستيقاظ مباشرة. واصل فعل ذلك لآخر شهرين، ويظهر في نفس الوقت تمامًا، في نفس المكان صباحًا.

ظنّت ابنتي أنه ملاكنا الحارس، وزوجتي ظنّت أنه يريد أكل ابنتنا، أما أنا فلا أعلم ما ظننته. كلّما ملت برأسي، مال برأسه، وكأنني أنظر إلى مرآة.

حين هدأ هطول الثلج الكثيف، ساورني يقين بأن الضبع الضاحك لن يكون موجودًا، لكني رأيت رأسه يخرج من كتلة من الثلج. أرادت ابنتي أن يدخل، وأرادت زوجتي أن تقتله، أما أنا فلا أدري ما الذي أردته.

ورغم مضيّ أسابيع إلا أنه ما زال يمر بالنافذة محدقًا. قالت ابنتي “كيف يعقل أنه لا يضحك الآن؟”، فرددت “لربما أننا لسنا جميعًا مضحكين إلى تلك الدرجة.”، فقالت زوجتي “الضباع لا تضحك، بل تبدو وكأنها تضحك.”

كانت ابنتنا في الصالة خلال الصباح التالي ووجهها إزاء النافذة بينما تؤدي بعض الحركات للضبع الضاحك، فتمسك الشوبك متظاهرة بأنه ميكروفون بينما تؤدي بعض حركات كوميديا الارتجال المعتادة، فنظر الحيوان إليها بينما يتبع رأسه حركاتها جيئة وذهابًا. قالت “الدونات، ماذا بشأن الدونات؟” ثم ضحكتْ، وكانت نكاتها في قمة اللطف. ضحكتُ كي أسعدها، وبقي الضبع صامتًا، أما زوجتي فقالت “جهزا الطاولة لأجل الفطور.”

نهضت من الفراش مع بزوغ شمس اليوم التالي على إثر أصوات صادرة من غرفة المعيشة، فوجدت ابنتي هناك بهيئة مهرج مرتدية ملابسي وقد غطت وجهها بمسحوقات تجميل زوجتي. كانت تقفز إلى الأعلى وتؤدي الشقلبات الكاملة على الأرض. أمال الضبع الضاحك رأسه يمنة ويسرة بصمت لم يتغير. قالت ابنتي “لم لا يضحك؟”، وانتاب زوجتي الصداع، أما أنا فقلت “إنك تبلين حسنًا.”

صار بإمكاني بعد ذلك بأسبوع رؤية ابنتي محبطة من عجزها عن إضحاك الضبع الضاحك. قالت زوجتي “اتركيه”، فقلت “أظن أنه يضحك من الداخل، واصلي المحاولة.”، فقالت ابنتي “أظن أنني سأتوقف وحسب”. قالت زوجتي “جيد”، فقالت ابنتي “أحيانًا، لستما مضحكان وحسب.”، ثم خرجت من غرفة المعيشة ورأسها باتجاه السقف.

أبقيت على المصباح مضاءً حتى وقت متأخر في السرير، إذ كنت أخربش على ورقة. شعرت زوجتي بالانزعاج فقالت “ما الذي تفعله؟”، فقلت “إني أكتب”، فقالت “لم أرك تمسك قلمًا من قبل، هل الأمر ضروري الآن؟”، فقلت “نعم”، فانقلبت إلى الجهة الأخرى مغطيةً رأسها بالبطانية بينما تئن سخطًا، ثم قالت “نم وحسب.”، فلم أرد بجملة، فقالت “نم” مرة أخرى، فرددت قائلًا “أنا على وشك النهاية.”

استيقظت مبكرًا في الصباح التالي، أثناء تبخر الندى، وذهبت إلى غرفة المعيشة. الأنوار مطفأة. شغّلتها ورأيت الضبع الضاحك واقفًا إزاءنا بعينين حزينتين. ذهبت إلى غرفة ابنتي النائمة ومسحت على كتفها، ففتحت عينيها، فقلتُ “لنذهب إلى غرفة المعيشة.” حاملًا قطعة من ورق. كانت عيناها كبيرتان وواسعتان. ودون كلام أو تردد، نهضت من السرير. فقلت “أحبك كثيرًا.”

ذهبنا إلى غرفة المعيشة. قطعتُ الورقة إلى نصفين وقلت “إنها مسرحية”، وكانت ابنتي متحمسة، ثم مثَّلنا وأجرينا حوارًا. كانت ابنتي في قمة السعادة رغم أن الضبع الضاحك لم يضحك، وصوتنا صاخبًا، وحاولت بأقصى جهدي ألّا أبكي أثناء لعبي مع ابنتي لرؤيتي إياها سعيدة. استيقظت زوجتي، وإذ يمكنني سماع خطواتها في الرواق قبل دخول الصالة، واصلت ابنتي أداء المشهد. فقالت زوجتي “توقفا. توقفا وحسب. هذا ليس سوى غباء.” لن أنسى النظرة التي اعتلت وجه ابنتي. كان علي ألّا أقول لها ما قلت، ليس أمامها على الأقل، لكن سبق السيف العذل. شرعت ابنتي تبكي. أسقطت زوجتي فنجان القهوة وتناثرت قطعه على الأرضية الخشبية. بدأ الضبع الضاحك يضحك، وبصخب، بينما تشع عيناه أثناء قفزه في مكانه باستخدام قائميه الخلفيين.

فركت ابنتي عينيها. “مرة ثانية يا أبي. مرة ثانية.”

الإعلان

اكتب تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s