
أنا كاتب، أو – على الأقل – كنت كاتبًا. وصلت روايتي الأولى إلى القائمة القصيرة لثلاثة جوائز، وفازت روايتي الثانية بجائزة، وانتهى مشوار الرواية الثالثة إلى طاولة خصم “ثلاثة كتب بسعر كتابين” في سلسلة مكتبات من المؤكد أنكم سمعتم بها من قبل. وبعدها… لا شيء. لا رواية رابعة أو قصص أو نوفيلات أو مقالات حول الكتب. لا شيء.
ما الذي حدث؟ في الواقع، قابلت إحداهن ووقعت في الحب. كان الوضع جنونيًا وعاصفًا، وقد عشت ما يتصوره الناس أنه الأصل. التقينا في بار بفندق فرنسي ثم تزوجنا بعدها بأربعة أسابيع. كنت سعيدًا للغاية، وفي قمة رضاي، لكون الحزن إزاء حال العالم والخوف والغضب الذين وجهوا كتابتي قُدُمًا قد تبخروا تمامًا.
أخبرتني بعد شهرين من زواجنا أنها حامل، وبعد ست سنوات وطفلين بقيت على عدم كتابتي كلمة واحدة.
تدركون أن المسألة ليست عدم رغبة، ولا في كوني لم أحاول حتى، بل حاولت ولم يحدث شيء. في العام الماضي، ولكون المال الذي كسبته من نجاحي المبكر بدأ ينضب ولزمنا الانتقال إلى بيت أصغر وبيع الأثاث لتيسير الحال، حاولت الكتابة أكثر فأكثر لكن لم يحدث شيء. حتى أنني شغلت وظيفة “محترمة” في تدريس الكتابة الإبداعية بإحدى الجامعات، لكن ذلك لم يحل المشكلة الأساسية في كوني لم أعد قادرًا على تسمية نفسي بالـ”كاتب”.
بعد ذلك، بينما كنت جالسًا في الحافلة المتجهة إلى المنزل البارحة، انتهت المرأة أمامي من سرد طرفة عشوائية الأحداث بجملة لم أسمعها من قبل، إذ قالت: “آه، لا يسعني القول إلا أن أقل فائدة من القرارات السيئة هي القصص الجيدة.”
لم أسمع قراراتها، ولذا لم أستطع الحكم على جودة قصتها، لكن هذه الجملة لم تدعني وشأني. إذ بقيت مستلقيًا بجانب ماتيلدا طيلة الليل بلا نوم، بينما تتقلب فكرة القرارات السيئة والقصص الجيدة مرة إثر مرة في ذهني.
نمت في لحظة ما، وحين استيقظت كان القرار متخذًا دون أن أكون واعيًا به أصلًا.
ذهبت في هذا الصباح إلى الصف الذي أدرسه، وأخبرت طلابي أنهم سيؤون جميعًا وأن عليهم أن يصيروا مزارعين أو صيدلانيين لكن ليسوا كتّابًا، ثم خرجت. ذهبت إلى مكتب رئيسة الدائرة وبُلت في سلة مهملاتها بينما تراقبني فاغرة فمها. لم أرد بكلمة على صرخات احتجاجها، بل أقفلت سحاب بنطالي وغادرت فقط. وفي طريق عودتي إلى محطة الحافلة، لكمت امرأة عجوزًا، وسرقت حقيبتها اليدوية، وغادرت. وفي لحظة ما أثناء ركوبي الحافلة، كتبت رسالة إلى عشيقة مُتخيَّلة وأرسلتها إلى زوجتي تاركًا إياها على يقين بأني كنت على علاقة غرامية لعدة أشهر، وعلمت أنها على يقين بسبب أدراج الملابس التي وجدتها فارغة حين عدت إلى المنزل إضافة إلى الرسالة التي تركتها على طاولة المطبخ.
بعد ذلك، وقبل القدوم إلى هنا حيث مكتبي، أضرمت النار في الستارة الموجودة في صالة الاستقبال. يمكنني شم رائحتها. أنا متأكد من أنها تشتعل كما ينبغي في الوقت الحالي.
إذًا، تم تولي الجزء الأول من الخطة، وحاسبي يطنّ أمامي الآن، وأنا مستعد. كل ما علي فعله الآن هو انتظار مجيء القصص الجيدة.
آمل أن تأتي بسرعة.
ماذا علي أن أفعل أنا إذاً حتى أستلهم؟! 😁😁🤔
لا أدري، لكن أيًا يكن فأخبرني حتى أتأكد من كوني في مأمن 😁
حاضر 🤷