صحفي – لوسي كورين

هذه قصة حقيقية عن صحفي ولا آبه بما سيحدث. كنت أساعد منذ زمن بعيد أحد أساتذة الجامعة من دائرة المواد الإنسانية في مادة تتعلق بالأخلاق في الأدب والتوثيق، وذاك الشاب الذي اسمه آدم أحد المنتسبين. لم يكن في مجموعتي للمناقشة – إذ كانت هناك حوالي ثمانية مجموعات ومئتي شخص موجود من أجل الاستماع للمحاضرات، لكن آدم قرر على نحو ما أن يُعجب بي من بين الناس وبدأ يتقرّب مني خارج مصنع علب المياه الغازية المعاد ترميمه بشكل جميل حيث تُعْقد المحاضرات. أدري أنه كان وسيمًا، لكن لسببٍ ما لم أهتم لذلك برغم أنه كان في عمري وقد أكمل شهادة في جامعة رفيعة أردت الانضمام إليها ذات يوم. وقد أردت الانضمام إلى تلك الجامعة بنفس الطريقة التي تظن أنك تود فيها أن تكون ممثلة مشهورة بينما ما تقصده فعليًا هو أن تشعر بمكانتك.

المهم أننا خضنا الحديث عدة مرات وجدتها جميعًا مملة ثم سألني عمّا إذا كنت أرغب بـ.. لا أتذكر، شيئًا ما، فرفضت، لكني كنت أمشي باتجاه البيت وإن أراد، فيمكنه المشي معي والتسكع في الباحة بينما أعتني بالحديقة. من الجدير بالذكر هنا أني كنت الوحيدة من البيض القلائل القاطنين في حي ممتلئ بالسود والمكسيكيين، وأحد القلة الذين كان لهم أي شأن بالجامعة. أخبرني الناس في حيي أني شديدة – بل ناصعة – البياض، أما آدم فأبيض، بل شديد – بل ناصع – – البياض. المهم أن فكرتي راقت لآدم وأتى إلى المنزل معي وكان لطيفًا مع كلبي واتّضح أنه يفوقني معرفة بكثير في ما يخص النبات. كان يتأملني ويلقي جملة من نوع أو آخر بينما أعبث في الأرجاء فظهر نمط معين. وبعد المحاضرة، يأتي إلي فأقول، في الواقع، إني مشغولة بفعل هذا أو ذاك، وغالبًا يكون نقل الأشياء حول حديقتي أو أخذ الكلب إلى الغابة، فتعال إن رغبت، ثم بدأ يخبرني معلومات عن النباتات التي مررنا بها في الغابة من زنجبيل بري أبيض وأوركيد الخشاش. جلب لي قصاصات من مكانه الذي وَجب عليه بيعه بداعي الطلاق الذي يمر به وكان أشد ما أحزنه هو فقدان كل نباتاته. قبلني ذات مساء في الممر قرب الحمام. كنت غاضبة بشدة جرّاء ذلك، لكني وقتها تساءلت عن خطبي. أراني صورة لوالديه في عدد منشور في الستينات من مجلة «تايم». قال إنهما صديقان لآل كينيدي في الماضي. كان يواصل سؤالي دومًا إن كنت أرى إذا ما بإمكانه أن يصير كاتبًا جيدًا فقلت إني أرى أنه سيصير صحفيًا جيدًا. واصل سؤالي فواصلت قول نفس الشيء بصِيَغ مختلفة. المهم أنه بعد أن قبّلني وغضبت إزاء ذلك، أراد جزء مني أن يقبّلني مجددًا، لربما بسبب وسامته، أو بسبب مسألة الجامعة، أو آل كينيدي، أو المعرفة بالنبات، وفي تلك اللحظة تغير الموقف برمته لأنه كان بحالة مزرية بسبب الطلاق وأنا بحالة مزرية عمومًا.

لنرَ إلى أين سينتهي بنا المطاف.

دوّت الطلقات ذات يوم بينما كنت أعتني بحديقتي رفقة كلبي الذي كان يراقب، فقتل كلبي. كان الموقف جنونيًا بحق، ومصورًا بالفيديو، حدثًا إعلاميًا على أعلى نطاق، وبعد أن أجريت مكالمةً عبرتِ البلاد إلى الشخص الذي كنت أحبه في الماضي بالتحديد، اتصلت بآدم. كان الذي وضع كلبي في شاحنتي، وقاد السيارة إلى الغابة، ووجه الجزازة في جنح الليل من أجل حفر حفرة ولمّع مصابيحها بينما حركنا الجثة ثم ساعدني على تغطية المكان بالصخور. كان القصد من ذلك منع نبش المكان. ثم لم أسمع منه خبرًا، ثم أخبرني في آخر مكالمة هاتفية بيننا، أنه لم يستطع تحمل ألمي، هذه الجملة التي ظلت في بالي. لكنه الآن صحفي، ولديه مكان لطيف في المدينة ويطوف في أرجاء العالم ويحكي قصصًا عن أشياء من قبيل فتيات صغيرات سود يُبَعن لصالح الدعارة. إنه أحد أولئك الصحفيين الذين يحكون كل قصة دون غموض على الإطلاق، الذين يعثرون على قصص يحكونها فيستحيل عليك أن تمر بأكثر من شعور معين تجاه أي شيء

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s