
كتبتُ كل كلمة قالها الطبيب، ووضعت مكان نحنحاته نجمات صغيرة، وأقواسًا مكان وقفاته، وعلامة شرطة طويلة مقابل كل تعليق على ما قال. حين مرر يديه عبر شعره المتموج، رسمتُ سلسلة من المنحنيات تتدلى من حواشي الورقة. وفوق ذلك، بعض تعبيراته، كالتكشيرة محل جملة “صرع محتمل”، وهز الكتفين مقابل جملة “نتائج غير قطعية”، وهكذا. كما غير الضماد على رأسك، ولذا قصصتُ مربعًا من القماش الذي علقتْ به خصلة من شعرك في الشاش بفعل الدم، ثم ألصقتها في الضماد الجديد.
حين غادر، شاهدنا ثلاث حلقات من مسلسل تلفزيوني لا بأس به على جهاز “آي-باد”، ثم دونتُ ضحكاتك: كانت قهقهتين، وأربع عشرة ضحكة مكتومة، ومزيجًا سريعًا بين ابتسامةٍ متكلفة وتنهيدة. وعندما تثاوبتَ، عصرتَ يدي وعبرتُ عن ضغط تلك العصرة بتمرير قبضتي لتترك أثرًا في صفحة الكتابة. لن تتذكر أيًا من ذلك لاحقًا. أما أنا فبالكاد أتذكر ما جرى هذا الصباح: أذكر فقط أنني حين كنت في ذلك القطار، وكتبت “ماما مستشفى ماذا أفعل” على محرك بحث غوغل، اقترحت المنتديات عبر الإنترنت أن عليَّ تدوين الملاحظات.
ولمّا نمتَ، تجولتُ في الممرات المضاءة بمصابيح الفلورسنت بينما ألتقط صورة لكل ممرضة في النوبة بعدسة البولارويد، وأضع كل صورة من تلك الصور بين الصفحات، ثم خرجتُ نحو المواقف وأخذت أثرًا من الغرافيت يعود إلى مطاط عجلة سيارة الإسعاف التي أحضرتك إلى هنا أثناء نومي، وحدثتُ النجوم بلا تصنع عن رؤيتي العميقة تجاه تزجية الوقت، ثم سجلتُ ضوءها الخافت باستخدام خرّامة مستعارة من مكتب فارغ. عدتُ إلى غرفتك مع كيس رقائق بطاطس من آلة بيع. كنتَ ما تزال نائمًا، وفمك عبارة عن فجوة مظلمة. رذذت الملح على أغطيتك بينما أقرأ ما جرى في يومنا وأستنتج بعض التوضيحات بأثر رجعي. إنني أبقيك في أمان.