يقول ألبرتو مانغويل في “داخل المكتبة.. خارج العالم!”: “حين نقرأ كتابا فإنا نعتبره ملكا لنا، ونضمه الى تجاربنا، ونترجمه حسب معارفنا ، وبالتالى يتحول هذا الكتاب الى نسخة قريبة من الأصل بإصدارنا ، ولن نستطيع معرفة الأصل بعد قراءتنا له بحكم تفسيرنا الخاص لمحتواه.”
ذكرت مرة في حوار مع الأستاذ طامي السميري أن القراءة مثل الحياة، تجوال ينطوي على اكتشاف مستمر. ولا أعني بقولي هذا إنها تستبدل الحياة، فنحن لا نقرأ كي ننال حياة أخرى، بل لنفهم التي لدينا الآن ونثريها على الصعيد الخاص والعام من خلال حيوات من تأملوا فكتبوا.
بدأت مشوار قراءتي هذا العام مع ثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين – قصر الشوق – السكرية). كانت متوفرة في كل مكان منذ أكثر من سبع سنوات، ولم يخطر ببالي قراءتها بالرغم من صيتها في ذلك الوقت ومنذ صدورها في ذلك الوقت تكاسلًا، فضلًا عن جبال الكتب المقتناة؛ فآثرت تأجيله وقتًا بعد آخر، حتى قرأها بعض الأصدقاء العام الماضي، ولطالما قلت إن الأصدقاء أصحاب التوصيات التي تستحق الاقتناء دائمًا. فأثارت فيهم ما أثارت من انطباعات وأحكام وأنارت – كما يقولون – عدة نقاط لم يروها من قبل في تصوراتهم. والآن، أكاد أقسم أني لو قرأتها حال توفرها لما فهمت ما كان يطرحه من تصورات بخصوص الحياة والأسرة والمجتمع، خاصة وأنه قد مر ما بي من تجارب حياتية عمّقت نظرتي للعديد من الأمور.
أتذكر كتابًا آخر قرأته بلا عدة معرفية. كان “المؤمن الصادق: أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية” لإريك هوفر، وقرأته منذ عشر سنوات. ما كان لي دافع حقيقي من قراءته سوى لأنه من ترجمة الدكتور غازي القصيبي – رحمه الله –. وأتذكر أني خططت تحت أغلب ما في كل صفحة لأني لم أفهم حتى توقفت. لعلي أعيد قراءته في وقت آخر، خاصة بعد الأحداث التي مرت في المنطقة والتي أثرت على فهم الجميع لظواهر مثل الحركات الجماعية.
هل هناك “وقت مناسب” لكتاب ما محدد؟ لا أظن ذلك، فالأمر مرتبط بالتجربة لا العمر. وكل كتاب مهما قرأته لا بد وأن يمنحك فكرة مختلفة، فالنص ثابت وإنما تأويلاتنا التي تختلف تبعًا لتصوراتنا. ولنتذكر أن أحد كتب النقد الحديث “التناظر المخيف” لنورثروب فراي قد أتى بعد شعر وليم بلايك – موضوع الكتاب – بـ150 عامًا، وأن “رحلات جليفر” – على أهميته في الهجاء السياسي – ما زال يعتمد في قسم أدب الطفل للأسف.
أما من يسأل عن الأسماء الثلاثة الأخرى، فهم من أنشط مستخدمي غودريدز الكبار في السن، ودائمًا ما أجد في تعقيباتهم على الكتب المقروءة ما ينير زوايا لا تخطر على البال في الغالب، وأوصي بمتابعتهم. ها هي حساباتهم على التوالي: شرابياني – تريفور – بروس.