أمضي ساعة على الأقل في السيارة وحيدًا كل يوم عمل، ناهيكم عن المشاوير التي أقوم بها بمفردي هنا وهناك. وإن قمنا بحسبة رياضية بسيطة، سنجد أن ذلك يقارب الأسبوعين الكاملين كل عام.
في لغة آل غودريدز، يعني ذلك فترة كافية لقراءة كتابين متوسطي الحجم على الأقل باستيعاب وسط أشغال الحياة (بغض النظر عن الفئة). وفي لغة الإدارة والنجاح، يعني ذلك دورة أو دورتين مضافتين مع الفراغ التام إلى السيرة الذاتية، قد تنال منها ترقية أو وظيفة أفضل.
الحقيقة أني كنت على علم بالوقت المهدر، وفي نفس الوقت لم آبه لما يضيع، مفضلًا سماع ما يروق لي كي يتجهز المزاج لما هو مقبل عليه من هموم العمل، ومن نافلة القول أني لم أستمع إلى الراديو متعمدًا، خاصة وأن حالة الإذاعات السعودية رديئة في مستوى برامجها. لكن، وجدت أن أنشط حالات ذهني وأبهاها حين أستيقظ صباحًا، على عكس الكثير. ولذا، فحرامٌ أن يضيع هذا المزاج في استقبال ما لا يفيد، وليكن الترفيه في طريق العودة، أو إكمال الفائدة.
وهكذا بدأت.
مع موجة البودكاست المتصاعدة (حد تفكيري بالتخلي عن التدوين أو إضافة البودكاست صيغة أخرى) في المملكة، نشأ تنافس يرفع من شأن المعروض، وقد وصلت مشاهدات بعض الحلقات على يوتيوب (الذي لا يعتبر منصة بودكاست، وإنما يستخدم رديفًا لدى القنوات السعودية) إلى مئات ألوف المشاهدات. هذا يعني بدوره إقبالًا عاليًا على المحتوى الجاد. فأخذت أجربه، واستمتعت بكذا حلقة، خاصة من «فنجان» و«أسمار» و«ساندوتش ورقي» و«نقطة» و«سقراط» و«قصاصات» وغيرها الكثير. هذا غير بودكاستات الكتب العديدة بالإنجليزية، “ماسورة وانفجرت” مثل ما يقولون 🙂
الحقيقة أن المميز في البودكاست هو طابع الحوار الذي يمكنك إعادته والتقاط المميز منه مباشرة، دون الاهتمام بوحدة موضوعية، وشباب إنتاج البودكاست مدركون لهذا تمامًا؛ فيحرصون على الأحاديث الخفيفة التي تقترب من المواضيع دون مناقشة عميقة. لكن البودكاست الإنجليزي يصل إلى مرحلة أبعد، خاصة في مناقشات الكتب وارتباط ما يقدمونه بموضوع محدد، فتجد الكتاب قد نوقش بنقاطه الرئيسية فقط ويحرص المؤلف على عدم التفصيل كي تقتني الكتاب، وقد اقتنيت ثلاث كتب موصى بها من تلك الحلقات.
أما في مجال الكتب الصوتية، فقد جربت الاستماع إلى كتاب عربي، وكان “المعطف” لنيكولاي غوغول، ولم تكن بتلك التجربة الجيدة نظرًا لافتقار الملقية إلى مهارات النحو (ما يضع فارقًا رئيسيًا). ولم يكن الحال أفضل مع الروايات والقصص الإنجليزية، فلا أرى أن لها فائدة كبيرة في ما يخص الأدب. لكني استمتعت جدًا بقراءة كتاب Switch لتشيب ودان هيث، والفضل في ذلك يعود إلى تقسيم الكتاب وطريقة تأليفه. لذا، أنصح باستخدامه مع الكتب الإدارية، وقد يجدي مع المذكرات.. لا أعلم.
كان طول Switch حوالي سبع ساعات، ما يعني (بالنسبة إلي) أني أستطيع إنهاءه في أسبوع! ها هنا 52 كتابًا آخر طوال العام خارج الخطة القرائية، فما بالكم بمعرفة مركزة مثل التي تطرح في البودكاستات؟
أتمنى لكم مشوار تعلم لا يتوقف.
رأي واحد حول “مغامراتي مع الصوت مؤخرًا: البودكاست والكتب الصوتية.”