“أنت راضي، صح؟”

 

10005971_438835886247762_585288538_o

في عام 2014، اصطفّ طابوران لتحية الفقيد وتوقيع نسخ من ترجماته إثر أمسية في الدمام. أذكر أن الجميع اتجه إليه ولديه كتاب إما لماركيز أو يوسا، إلا أنا؛ كانت معي نوفِلّا مانويل ريفاس «قلم النجار»، مفضّلتي من ترجماته. ما إن رآني حتى هتف مباشرة بالسؤال أعلاه، ولا أدري إن تبين ذلك من صورتي على فيسبوك فقط أم – كما قال – مما اخترت للتوقيع، إذ قال “عرفتك من انتقاءك.”، ثم دار وقتها ما دار من حديث.
**
لعل فضيلة الفقيد الكبرى تكمن في “الانتقاء”.
يمكن لأيّ دعيّ في الدنيا أن يترجم نصًا على الانترنت في ثوان ويصلح ما لا يستقيم منطقيًا، وهكذا تتوفر له ترجمة مقبولة، خاصة في عصر تهافت الجميع. لكن المميز في أبي عمر أنه لم يلتفت إلى الرائج لا بين أوساط المثقفين أو المستوى الشعبي، فلا أذكر له من تراث كورتاثار – والأخير له ثقله في أدب أمريكا الجنوبية – إلا بضع قصص هنا وهناك، وكذلك الحال مع بورخِس وبولانيو، مقابل كل كِتاب ترجمه وكان يستطيع الحديث عنه بمحبة لساعات. قادته المحبة والشغف والانتقاء الشخصي إلى ما قدمه لنا، ويكفينا ما نراه أثرًا.
**
منذ ذلك اللقاء، عهدتُ على نفسي انتقاء المميز من النصوص وترجمتها على شبكة الانترنت، مما يلتفت إليه قلبي وعقلي معًا، وكان أولاها على المدونة حتى ترجماتي الصادرة بشكل منتظم لصالح «زهرة الخليج». صارت التفاتة القلب للنص أول مؤشر شخصي على رغبتي بترجمته، ويليها الحكم الموضوعي، حتى تكوّن ما لدي من رصيد، والذي أسعد به تمامًا.
**
لو سألني نفس السؤال أعلاه الآن، لقلتُ “نعم؛ وذلك بفضلك، يا من علمتنا الشغف والانضباط في آن.”
أما لو سألني أي أحدٍ آخر الآن، ليس لي سوى الإجابة بـ”نعم؛ أنا راضٍ بقضاء الله وقدره؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله.”

رأي واحد حول ““أنت راضي، صح؟”

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s