في عدد هذا الأسبوع من «زهرة الخليج»*
صعدت الطائرة وعبرت الممر بحثًا عن مقعدي، وكنت على أمل بألّا تكون الطائرة مزدحمة للغاية كي أحظى بكامل مقاعد صفّي لوحدي، فقد أردت أن أخلو بأفكاري.
وجدت مقعدي بقرب النافذة وجلست فيه ريثما أرتب قارورة الماء وجهاز الـ”آي بود” ونصًا للقراءة. كنت أتطلع إلى هذه الرحلة لعدة أسباب. هذه أول عودة إلى غانا منذ أحد عشر عامًا. لكن الأهم أنني سأقابل حبيبي لأول مرة.
تعرفت على كوفي عن طريق صديق مشترك في “فيس بوك”. صرنا صديقين وبدأنا المحادثات إثر ذلك، لكن باتت محادثاتنا أكثر خلال بضع شهور، وسرعان ما تبادلنا رقمي الهاتف ورمزَي جهاز الـ”بلاك بيري”، وبقينا على تواصل بالحديث والدردشة والرسائل النصية طوال اليوم. كبرت مشاعري تجاهه، وكنت سعيدة لما اعترف أنه على نية بعلاقة معي منذ بدء التعارف. كانت هذه الرحلة على وشك أن تصير بداية أمر مميز حقًا، ويمكنني الشعور به.
خاب ظني حين توقف رجل عجوز قرب صف كرسيي ولمح بطاقته، إذ وُضِعَ في المقعد المجاور لي. ابتسم لي أثناء وقوفه كي يضع حقيبة المقصورة في الخزانة بالأعلى، ولم أرغب برد الابتسامة؛ إذ كان يبدو أحد أولئك الرجال الذين يحبون مغازلة الشابات الساذجات، فأومأت بقدر بسيط وأشحت بوجهي تجاه النافذة.
جلس قائلًا “مرحبًا أيتها الشابة”.
التفت إليه ورددت “مرحبًا” ببرود.
– “كيف حالك؟”
– “أنا بخير، شكرًا لك”. لم أرد أن أكون فظة، بل أن أضع نهاية للمحادثة، فبدأت البحث عن جهازي الـ”آي بود”.
– “المعذرة. لكن، أتمانعين أن أسألك؟ كم عمرك؟”
عبست والتفت نحوه بقلق. لاحظت وقتها أن عينيه بدتا حزينتين.
– “أربع وعشرون.”
– “هذا عمر طيب. لدي ابنة بمثل عمرك.”
– “أوه.”
– “أنا مسافر بصحبتها اليوم.”
التفتّ حولي مرتبكة، وعلى ظن بأن ابنته ستنضم إلينا.
لا بد أنه خمّن ما أفكر به، إذ قال “أوه، ليست في المقصورة؛ بل في عنبر الشحن.”
حل الإدراك عليّ فجأة. ولباقي الرحلة، نسيت شؤوني الخاصة، وتحدثت مع الأب الغارق في الحزن.
تعريف:
كاتبة نيجيرية، حازت على جائزة كاتبة العام خارج البلاد عام 2017، واختيرت ضمن أهم 100 كاتب وكاتبة تحت سن الأربعين عام 2018. من أعمالها «خيال خصب»، «البحث عن شيء ما»، «مذكرات منظمة حفلات زفاف في لاغوس».
أتمنى للجميع قراءة ممتعة!