“لا تمل على الكاتب ما يفعله في محاولة منك كي تصير إياه، بل كن ذلك الزميل الذي يسانده ويتواطئ معه.”
– فيرجينيا وولف، كيف نقرأ كتابًا كما يجب، “داخل المكتبة.. خارج العالم!”.
على أن الاقتباس أعلاه موجه للقراء في المقام الأول، إلا أني أود الحديث عن الطرف الآخر.
مع مرور الأيام، ستجد أثناء قراءتك كتابًا أشبه بالأصحاب، بندماء الليل، يعرفون ما تحبه، وما تود قراءته، وينجحون في كل مرة إما بشخصياتهم التي يخلقونها أو المواضيع التي يطرحونها في كل كتاب تقرؤه لهم أو الأسلوب، فتقوم – عبر اللاوعي – بتخزين كتبهم لمناسبات حيرة اختيار الكتاب القادم، ولا يخيب ظنك حين اختيارهم. لن يكتبوا كتابًا رائعًا بالضرورة، ولن تعلّق بهم آمالًا عظيمة (بالمناسبة، تحية لديكنز 🙂 )، لكن لو أتاك كتابٌ له فلن ترفض قراءته أبدًا؛ إذ ما يجمعك به المودة، وليس الحب أو الهوس. مثل أصدقائك الذين يعرفون كل ما فيك، ومع ذلك يحبونك.
والمودة عندي أعمق لأنها تفترض حيزًا للأخطاء والزلل فتغفرهما مباشرة، على عكس الكتّاب الذين تجلهم، حين تقرأ كتابًا ما فيبهرك ثم “ينتكس” في الثاني حسب اعتقادك، فتدنو منزلته وتبدأ تحتفظ بمعيارٍ معين للإعجاب بكتبه، فإما “الاعترافات” أو لن يعجبك ربيع جابر، أو “الإخوة كارامازوف” أو لن يعجبك دوستويفسكي، أو “خالتي صفية والدير” أو لن يعجبك بهاء طاهر… وهكذا.

هل الندماء كتّاب مفضلون؟ لا أعلم، لأنك لا تتذكر مشوارًا بأكمله حين تُسأل عن كاتبك المفضل، بل تتذكر عناوينَ بعينها وقد تضع أحدهم في تلك القائمة بسبب تلك العناوين، وبالضرورة لن تتذكر عنوانًا محددًا لهم، وسيغيبون عن البال. هل تضنّ بهم عن الناس في لا وعيك؟ أم أنت تقرّ بأنهم ممتعين ويلزمك شعور بالذنب حين تكشف عن قراءتك لهم (guilty reads)؟ لا أعلم أيضًا.
أمّا ندمائي فهم لويس سبولفيدا، خليل صويلح، عتيق رحيمي، إيزابيل الليندي، علي بدر، رشيد الضعيف، أميلي نوثومب.
أتمنى أن تعثروا على العديد من الكتّاب الندماء. صحيح أن العمر قصير والكتب كثيرة – على حد تعبير ابتسام المعلا – لكنها أقصر من المطاردة على أمل أيضًا 🙂
أود سماع أفكاركم.
النديم هو الأعمق، هو من يصل بداخلنا إلى أماكن لا نشعر بها.. ينزوي بداخلها ويكون ضمناً، مثل وجود الساعة على رسغك، لا تشعر بألتصاقها بيدك، فقد اصبحت جزء منك.
شعرت بالحالة عندما حضرت أحد الأصدقاء لكتب ستيفن زفايغ، أشعر انه جزء مني ولم أقل اني احبه.. مثل الساعة مرة اخرى.
قد نصل في الموده الى شعورنا بعدم الحاجه للتعبير.
تحياتي
يزيد
حضرت مراجعة *