عنوان المادة الأصلي: “حوار مع ثلاثة مترجمين.. في ضباب الترجمة ويأسها”، وهي موجودة في هذا الرابط بمشاركة كلٍ من جولان حاجي، رشيد بوطيب، راضي النماصي
نسخت الجزء الخاص بمداخلتي في الأسفل، وذلك بعد الإذن من موقع “ألترا صوت”. قراءة ممتعة.
—-
لم يقتصر دور الترجمة يومًا على ردم الهوّة التي تحدثها اللغة بين البشر، وتمكينهم من التواصل والتلاقي فقط. ذلك أنّها شكّلت ركيزةً أساسية في تطوير اللغة نفسها، ونقل المعرفة من ثقافة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر. هذا من الناحية الإيجابيّة، ولكن ماذا نعرف عن واقع الترجمة وما يمرّ به المترجمون؟ في هذا المقال، سنعرض تجارب 3 مترجمين لنتعرّف على ذلك.
يرى المترجم السعوديّ راضي النماصي أنّ واقع الترجمة من ناحية تعدد المواضيع، وإن كانت أغلبها أدبيّة، لا يزال بخير. مُشيرًا إلى أنّ التطوّر التقني الذي أتاح الكتب بصيغة إلكترونية كان له دور كبير في عملية الترجمة. ناهيك عن المنح التي تقدّمها ملحقيات بعض الدول للمترجمين، والتي من شأنها أن تخفف الأعباء المادّية على الناشر، وتشجيعه على المضي قدمًا في إصدار الكتب المترجمة. ويقول راضي النماصي إنَّ السبب وراء تراكم الترجمات “المشوّهة” هو المترجمون الذين لا يأخذون الترجمة على محمل الجد.
أمّا في ما يخصّ المعوِّقات التي تواجه المترجمين، يقول راضي النماصي، وهو صاحب “داخل المكتبة.. خارج العالم” أنّها تكمن في الدعم المادّي، ذلك أنّه لم يصل إلى ما هو متأمل منه، وهذا ما يجعل المترجمين يتّجهون عادةً في الترجمة إلى مجالاتٍ أخرى. ناهيك عن معوّق آخر لا يقلّ أهمية عن الأوّل، يتمثّل في نقص الدعم المعرفي، الذي يتلخّص في تبادل الخبرات والتجارب الجديدة”.
ويضيف راضي النماصي في حديثه حول دور الصحافة والإعلام في دعم عملية الترجمة: “لا أرى أنّه دور فعّال، مع احترامي لجهود القليل منهم. فإذا لم يكن هناك صحافي من أصدقائك في مواقع التواصل الاجتماعي، ويرى ما تنشره، لن تحدث غالبًا أي تغطية لصدور الكتاب في الصحف. كما أنّه لن يبحث عن الجديد في معارض الكتب وتقديمه. ذلك لأن لا أحد يتهم بالقراءة كما في السابق. ناهيك عن أنّ دور النشر لم تعد حريصةً على إرسال جديدها أوّلًا بأوّل إلى مكاتب الصحف والمجلّات نظرًا لاتكائها على التسويق الرقمي الذي تستطيع إدارته بنفسها”.
عند سؤالنا لهُ عن أسباب الطفرة الكمية في الترجمات عربيًا، أكّد راضي النماصي لـ”ألترا صوت” أن أغلب الموجود في هذه الطفرة هي ترجمات بصيغة إلكترونية، سواء كانت بشكل مدونة فردية أو جماعية. ويرجع راضي النماصي هذه الطفرة إلى استجابة البعض لموجة/موضة إصدار الكتب في الوطن العربي منذ 2012. ولكن من جهة أخرى، يرى الكاتب أنّ ذلك، في ظلّ هجوم القرّاء على ما صدر من كتب في ذلك الحين، قد يكون مدفوعًا بتراكم ثقافي جاد هدفه الإبداع وتوفير مصادر غير متاحة باللغة العربية. يقول راضي النماصي: “كل ما آمله في هذه اللحظة هو أن تتحسن الأمور معرفيًا وثقافيًا بقدر ما هي آخذة بالتحسن ماليًا”.