الترجمة: اهتمام الشباب ودور الناشرين

شهادة مقتضبة حول تجربتي في الترجمة، صدرت في جريدة الجزيرة يوم السبت 27 فبراير 2016

22925595

لعل الترجمة هي الفن الوحيد الذي يعتبر أحد أشكال الكرم، وهو الوحيد الذي يكون التميز به بمقدار ما تمنح من ذاتك، إذ لا توجد فيه أي نزعة فردانية، بل إن جودة الترجمة تتناسب عكسيًّا مع ظهور شخصية المترجم وأسلوب الكتابة الخاص به، في فعل ينم عن لمسة كرم عالية.

لم تكن علاقتي بالترجمة أكاديمية، إذ تخرجت العام الماضي من قسم الهندسة الكيميائية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ولكن مشواري معها كان منذ أيام الدراسة هناك، وبالتحديد قبل عامين خلال شهر رمضان المبارك في مدينة الخفجي بالمملكة العربية السعودية، وأول نص كان بعنوان «لماذا نقرأ الأدب؟»، للروائي البيروفي الحائز على جائزة نوبل للآداب ماريو بارغاس يوسا. كان السؤال نفسه مؤرقًا لي منذ مدة طويلة، فالأدب أكثر أصناف الكتب رواجًا، ومع ذلك يواجه استهجانًا غريبًا عند فئة لا بأس بها من القراء. تضمن مقال يوسا إجابة رائعة وحساسة على هذا السؤال، وتنبئ عن وعي واطلاع واسع على عدة معارف أنتجت ذلك النص الموسوعي والثاقب. فترجمته من باب المسؤولية في المقام الأول، وكتجربة أولى بهدف المتعة؛ فلم أكن مرتبطًا بموعد تسليم لأحد. أرسلت ترجمتي للصديق العزيز فيصل الحبيني بهدف التعقيب، وإذ به يطلب مني أن ينشره مباشرة، فوافقت؛ ولم أعلم أنني سأفاجأ بتواجده في موقع عربي جديد كل فترة حتى اليوم.

تابعت القيام بما أفعله عبر مدونتي الإلكترونية (www.radhiblog.com) وأنا أضع نصب عيني أن يكون المحتوى متميزًا ومؤصلًا وذا فائدة جمة للمتلقي، ففي النهاية أنا قرأت النص واكتفيت، لكن هو حب نشر المعرفة بين الناس الذي يحدوني للقيام بالترجمة إلى الناطقين بلغة الضاد بالإضافة إلى المتعة التي أجدها أثناء نقل نص ما من ضفة لأخرى، وما زالت ردود الفعل تبهجني في كل مرة أترجم بها نصا جديدًا.

أما بالنسبة للنشر الورقي فلم أقتنع بإمكانيتي له إلا بعد مدة طويلة. كان النشر بحد ذاته تحديًا عسيرًا، ولم يكن متعلقًا بإمكانية الطباعة قدر ما أن يكون المحتوى مختلفًا، ولم تكن الرؤية واضحة بخصوصه لظروفي الشخصية وقتها، إذ يجب أن أجد عنوانًا عظيمًا يستحق الترجمة؛ لذلك عزفت عن البحث عن عنوان جاهز وقررت أن أكون كتابًا من مختاراتي الشخصية، وهنا برز تحد آخر، ففي المعارض العربية كتب مختارات كثيرة حول غالبية المواضيع، وبالتالي فلا بد أن يكون ما يجمعها مميزًا، فاخترت موضوع القراءة بسبب قصة أخرى بطلها ماريو بارغاس يوسا أيضًا – وقد ذكرتها في الكتاب –، وكانت هذه المجموعة هي أول مجموعة نصوص مترجمة حول القراءة في الوطن العربي. اخترت لما جمعته عنوان «داخل المكتبة.. خارج العالم!» وقد قدم الكتاب الدكتور سعد البازعي مشكورًا، ونشرته عند دار أثر السعودية دون أي صعوبات تذكر.

اتضحت الرؤية حاليا فيما يتعلق بالعناوين القادمة، ونسأل الله التوفيق والسداد والقبول فيما نقدم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s