ريتشارد فاينمان: أحب زوجتي، وزوجتي الآن ميتة.

تقديم

ريتشارد فاينمان (1918 – 1988) هو أحد علماء الفيزياء النظرية في الولايات المتحدة، له آثاره الشهيرة حول ميكانيكا الكم، الموائع، وفيزياء الجزيئات. نال فاينمان جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1965، وحائز في استفساء خاص بالفيزيائيين أجري في المملكة المتحدة سنة 1991 على مقعد بين أهم عشرة فيزيائيين منذ فجر التاريخ. امتازت كتبه بشعبية عالية لدى القراء في الولايات المتحدة وذلك لمحتواها الثري ولغتها البسيطة، سواء في الكتب الثلاثة لمحاضراته حول الفيزياء، أو في سيره الممتعة “من المؤكد أنك تمزح يا سيد فاينمان” أو “متعة اكتشاف الأشياء”. في عام 1941، تعرف على آرلين غرينباوم وتزوجها، ومنها عاشا أحد أجمل قصص الحب حتى ماتت سنة 1945 بسبب مرض السل. مُثلت قصة حبهما في فيلم بعنوان “لا نهاية” سنة 1996. كتب فاينمان رسالة لها بعد وفاتها، وتعتبر من أعذب رسائل الحب التي قرأتها شخصيًا. لم تُكشف هذه الرسالة حتى تُوفي لاحقًا.

رسالة ريتشارد فاينمان إلى زوجته بعد وفاتها

ترجمة: راضي النماصي

17 أكتوبر 1946

عزيزتي آرلين،*

أعشقكِ ياغاليتي.

أعلم قدر سعادتكِ حين تسمعين مثل هذه العبارة، لكني لا أكتبها فقط لأنكِ تحبينها. أكتبها لأنها تغمرني بالدفء في داخلي كي أكتبها لك. مضى وقت فظيع وطويل منذ آخر مرة أرسلت لك. حوالي عامين تقريبًا، لكني أعلم بأنكِ ستعذريني لأنكِ تفهمين من أنا، فأنا عنيد وواقعي، وكنت أعتقد بأن لا منطق من الكتابة إليك. ولكني الآن، أعلم بأنه من الصواب أن أفعل ماأجَّلْت فعله، والذي كنت أفعله كثيرًا في الماضي. أريد أن أقول بأني أحبك، وأني أريد أن أحبك، وبأني سأبقى دائمًا محبًا لك.

أجد من الصعب أن أفهم الآن حبي لكِ بعد وفاتك، لكني أريد أن أسعدكِ وأعتني بك، وأريدكِ أن تحبيني وأن تهتمي بي. أريد أن أحظى بمشاكل لكي أناقشها معك، أريد القيام ببعض المشاريع الصغيرة سويًا. لم أعتقد حتى الآن بأنه يمكننا القيام بذلك. ماالذي يمكن أن نفعله. بدأنا بتعلم الخياطة سويًا، أو تعلم الصينية، أو إحضار عارض أفلام. هل أستطيع فعل أي شيء الآن؟ كلا، فأنا وحيد، وأنت من كان يملكِ الأفكار، والمرشد لكل مغامراتنا الجامحة.

حينما كنت مريضة قلقت لأنكِ لم تقدري على منحي شيئًا كنت تريدين إعطائي إياه، واعتقدتي بأني كنت أحتاجه. لم يكن الأمر بداعٍ للقلق. كما أخبرتكِ حينها فلم تكن هناكِ حاجة حقيقية، لأني أحببتكِ بطرق شتى وكثيرة. وهذه الحقيقة تتضح أمامي أكثر الآن؛ فأنت لاتستطيعين منحي شيئًا، ومع هذا أحبكِ لدرجة تغنيني عن حب أي أحد. لكني أريدكِ أن تبقي، فأنتِ وبموتكِ تغنيني عن أي حيٍّ آخر في هذا العالم.

أعلم بأنكِ ستعدينني أحمق، وأنكِ تريدين لي السعادة الكاملة دون أن تقفي في طريقي. أراهن بأنكِ ستتفاجئين حين تعلمين أني لاأحظى بعشيقة في هذه الأيام بعدما مر العامان (ماعداك). لكنكِ لاتستطيعين فعل شيءٍ حيال ذلكِ ياعزيزتي، ولا أنا. لا أفهم ماالذي يحدث لي، قابلت العديد من النساء، ومنهن كثيرات في غاية اللطف، وأنا لاأرغب في البقاء وحيدًا، لكنهن يتحولن جميعًا إلى رماد بعد لقاءين أو ثلاثة. أما أنتِ، من بقي لي، فما زلت في ناظري حقيقية وباقية.

زوجتي العزيزة، كم أعشقك.

أحب زوجتي، وزوجتي الآن ميتة.

ريتش.

ملاحظة: أرجوكِ أعذريني لأني لم أستطع إرسال هذه الرسالة لك، فأنا الآن لاأعرف عنوانكِ الجديد.

تعليق 1

اكتب تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s